وسوف ألتزم في حديثي عن (أرأيت) في أساليبها المختلفة مذهب سيبويه، فأفسرها بمعنى أخبرني وأعربها على أنها علمية تنصب مفعولين: الأول منصوب، والثاني جملة استفهامية، وإذا لم يذكر أحدهما في الكلام أو لم يذكرا معا قدّرت ما لم يذكر.
والآن أبدأ، وأنا أسأل الله تعالى العون والتوفيق- بالحديث عن أسلوب (أرأيتم) لأنه أكثر ورودا، فقد ورد في إحدى وعشرين آية من آيات القرآن الكريم:
في هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ما يتضمن:
أخبروني أيها المشركون إن ذهب الله بسمعكم فأصمّكم، وذهب بأبصاركم فأعماكم، وختم على قلوبكم فأماتها, فصرتم لا تفقهون حجة، ولا تفهمون حديثا، أيّ إله غير الله يستطيع أن يردّ إليكم ما أخذه الله منكم.
ما أعجب أمرهم يا محمد!! نتابع عليهم الحجج الكثيرة، ونضرب لهم الأمثال والعبر المختلفة، ولكنهم مع هذا كله يعرضون عن الاعتبار والادّكار والإِنابة إلى الله.
هذا، و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه هو السمع والأبصار والقلوب، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} .
وتقدير الكلام: أخبروني أيها المشركون عن سمعكم وأبصاركم وقلوبكم مَن إله غير الله يأتيكم بها إن أخذها الله منكم.