ويتضح من هذا أن مدخل هؤلاء الكتاب لدراسة الإسلام وعلومه المختلفة أمر تنقصه مقومات أساسية في تحرى الحق والتزام جانبه. وتظهر هذه المسائل بالذات في كتب الرحالة والتي كثيراً ما تمتلئ بالخيال أو استبعاد المصادر الأساسية والاعتماد على مصادر غير دقيقة أَو ذات أسلوب قصصي.
والواقع فإن المجتمع الغربي قد اكتشف أهمية الفكر الإسلامي منذ العصور الوسطى، ونقل ذلك التراث نقلاً لا يظهر فيه التصرف إلا في تجاهل ذكر المؤلفين الحقيقيين، وعن طريق ذلك خطت أوربا خطواتها التاريخية في مجال النهضة المعروفة بالنهضة الأوربية renaissance، وبذلك الفكر وعلى هديه أخذت أَوربا منهج التطور العلمي وبنت لنفسها الشخصية العلمية الرائدة. وأرادت بعد ذلك أن تطمس معالم الخلفية التاريخية لكل هذا التطور العلمي حتى وصمت بلاد المسلمين بالتخلف والركود والجمود الاقتصادي والعلمي وغيره سواء في صدر الإسلام أو بعد ذلك، علما بأن هذا الشمول في المجالات الإسلامية أمر تحسه في الدراسات الموسعة لهؤلاء.
ثم لجأت أوربا مرة أخرى في العصور الحديثة تدرس الفكر الإسلامي وعلومه المختلفة عندما أصبح لها أَطماع وأغراض سياسية واقتصادية، وأرادت بذلك حصار الإسلام واقتسام البلاد الإسلامية كجزء من مناطق النفوذ الأوربي الاستعماري، فلجأت إلى دراسة اللغة العربية والتاريخ الإسلامي وغير ذلك فزاد هذا من إنتاج المستشرقين في هذا المجال.
وكان أسلوبهم في غزو الإسلام والمسلمين أسلوبا ناعما متنوعا، جاء في شكل معاهد علمية وشركات أجنبية وبضائع وملابس وأثاثات منزلية وكان للغزو الفكري أثر كبير على أبناء المسلمين، وقد وجدت الإرساليات التبشيرية مساحة واسعة للتحرك في بلاد المسلمين، كما وجد دعاتها الفرصة السانحة للدراسة والتأليف في موضوعات إسلامية مثل (ترمنجهام) triningham الذي ألف عدة كتب عن الإسلام وأثره في عدة مناطق من العالم الإسلامي.