وقد اتخذت الدول المسيحية من التربية وسيلة مباشرة حيث منحت بعض أبناء المسلمين فرصاً واسعة للدراسة والتعليم في معاهدها وكلياتها لينهلوا من آدابها وفنونها وعلومها الاجتماعية والتطبيقية، ويعودوا إلى بلادهم وقد تشبعوا بأفكار الغرب وحضارته.
وليس من السهل فصل ما تقوم به هذه الدول عن المجهودات التي يقوم بها المستشرقون في كتاباتهم، فقد كانت تلك الوسائل وغيرها من أساليب النشاط التبشيري مجالاً لنشر حضارة الغرب وفكره وأسلوبه في الحياة، كما أصبحت الدراسات المختلفة ومن بينها علوم تتعلق بالدراسات الإسلامية تصل لأبناء المسلمين عن طريق قنوات الغرب المسيحي التعليمية، وهو أسلوب مكن المستشرقين من فرض أفكارهم وتخريجاتهم وتحليلاتهم لكثير من الأحداث في تاريخ الإسلام والمسلمين ولحركة الجهاد الإسلامي بما في ذلك عصر النبوة.
وقد لاحظ (جب وباون) أن التعليم كان له دور كبير في أضعاف الأثر الديني لدى الدارسين وذلك لتأثر التعليم في بلاد المسلمين بالطابع العصري الغربي المسيحي فقد أخذ المظهر الديني الخالص للتعليم في الانزواء رويدا رويدا وذلك بفعل ازدياد الطرائق التعليمية الغربية كنتيجة لإرسال البعثات التعليمية إلى أوربا وازدياد عدد المدارس الأوربية ومن نتائج ذلك تمكن اللغات الأوربية في التعليم وأثرها على لغة الكلام ولغة الأدب وغير ذلك من الآثار [٤] .
ومن الواضح أن العالم الإسلامي في هذه الأثناء يعاني من أَثر الانهيار أمام التيار الثقافي الغربي والذي تأثر به كثير من المثقفين والمتعلمين من أبناء المسلمين وانساق الكثير منهم خلفه باعتباره المنهج العلمي الذي تقوم عليه الحضارة الحديثة، ولعلهم تناسوا الجذور الإسلامية التي قام عليها ذلك الفكر حتى انتبهوا أخيرا لذلك.