للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعبادة الله شاملة لكل أفعال العباد قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام الآية: ١٦٤-١٦٥) .

ثم إن عقيدة التوحيد أقدم في تاريخ البشرية من العقائد الوثنية جميعاً، ذلك أنها وجدت كاملة منذ اللحظة الأولى، لأنها ليست نابعة من أفكار البشرية كما يرى أَصحاب مذهب التطور، وإنما هي فطرة الله التي فطر عباده عليها، فقد خلقهم حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأضلتهم، هذا ما يقرره القرآن الكريم، والسنة النبوية، وعليه التصور الإسلامي، فقد أهبط الله عز وجل آدم عليه السلام إلى الأرض ليقوم فيها بالخلافة التي اختاره الله للقيام بها، بعد أن تلقى كلمات من ربه فتاب عليه وأخذ عليه العهد والميثاق أن يتبع ما يأتيه من هدى الله، وأن لا يتبع الشيطان فيضله عن سبيله. قال تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (البقرة الآية: ٣٨، ٣٩) .

وما من شك أن آدم عليه السلام علمَ بَنِيه الإسلام وهو عقيدة التوحيد جيلاً بعد جيل، وأن الإسلام كان أول عقيدة عرفتها البشرية في الأرض، ثم انحرفت عن منهج الله وهديه، قال تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ..} (البقرة الآية: ٢١٣) . أي كان الناس أمة واحدة على الإيمان ودين الحق، دون الكفر بالله والشرك به، فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين [١] .