يوضح ذلك قوله تعالى في سورة يونس:{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}(يونس الآية: ١٩) . فحين اختلفوا أرسل الله الرسل مبشرين ومنذرين، يبشرون من أطاع الله بجزيل الثواب وكريم المآب، وينذرون من عصى الله فكفر به بشدة العقاب وسوء الحساب والخلود في النار.
فكان أول رسول إلى الناس بعد اختلافهم نوح عليه السلام دعاهم إلى عبادة الله وحده كما قال تعالى حكاية عنه:{قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ. أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ}(نوح الآية: ٣٠٣) . وقوله:{يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} . وقد ردوا عليه دعوته متمسكين بعبادة آلهتهم التي اتخذوها من دون الله:{وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلا سُوَاعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً. وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً}(نوح ٢٣-٢٤) .
فنوح عليه السلام أرسل لإعادة الناس إلى دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها كما قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}(الروم الآية ٣٠) .
ويقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم:"كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه"[٢] . وقوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: "خلقت عبادى حنفاء كلهم وأتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم"[٣] .