أما عند الفقهاء فقد عرفها الماوردي بقوله:"الجرائم محظورات شرعية زجر الله تعالى عنها بحد أو تعزير "[٤] .
وقوله تعالى:{يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} ، (المعارج: ١١) ، وقوله تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}(القلم: ٣٥) ، وهي تصل إلى أكثر من خمسين آية [٥] ، بينما في السنة لم ترد هذه الكلمة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في حالات قليلة جدا، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أعظم المسلمين جرماًَ من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته". أخرجه البخاري [٦] .
وحديث عائشة رضي الله عنها قالت:"قيل لها إن ابن عمر يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب ببكاء الحي، قالت: وهل أبو عبد الرحمن، إنما قال إن أهل الميت يبكون عليه، وأنه ليعذب بجرمه"[٧] .
ولم تستعمل هذه الكلمة من قبل الفقهاء في الصدر الأول بمعنى الجناية إلا في حالات قليلة، فقد بوب البخاري رحمه الله في كتابه على حديث كعب بن مالك رضي الله عنه في قصته المشهورة لما تخلّف هو ومن معه عن غزوة تبوك، بوب بقوله: باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة ونحوه [٨] مع أن الحديث كما هو معروف لم يتضمن هذه الكلمة، وقد ذكر الحافظ رحمه الله أن رواية ابن التين الإسماعيلي والجرجاني، لم تكن بلفظ المجرِمين، وإنما بلفظ المحبوس بدل المجرمين. كما بوب في الديات بقوله: باب إثم من قتل ذمياًَ بغير جرم، وساق حديث عبد الله ابن عمرو بهذا الصدد [٩] ، مع أنه لم يتضمن هذه الكلمة، ومثل ذلك فعل في كتاب الجزية فعنون بهذا العنوان وساق الحديث.