فقد يكون السلف رضي الله عنهم يتحرجون من إطلاق هذه الكلمة في حق العصاة من المسلمين لما لاحظوه من ورودها في القرآن الكريم في حق الكفار في أكثر المواضع، وإن كان لا يمتنع استعمالها لغة في هذا الموضع، أعني موضع الجناية ... والله أعلم.
ثانيا: نظرة الإِسلام إلى الجريمة:
إنه باستقراء النصوص من الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة نلاحظ أن نظرة الإسلام إلى الجريمة- الجناية- نظرته إلى الظاهرة العادية فهو يعتبر الجريمة جزءً من المجتمع الإنساني لا تنفك عنه. فكما أن النقص والتقصير لا ينفك عن الإنسان، وبالتالي عن المجتمع الإنساني، فإن الجريمة كذلك، فهي ليست إلا صورة من صور النقص والتقصير الذي يعتبر صفة ملازمة لبني آدم في هذه الحياة يقول سبحانه وتعالى عن الإنسان:{قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ} . (عبس: آية ١٧){كَلاَّ إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى}(العلق: ٦) . {وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً} . (الإسراء: ١١) . {وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} . (الأحزاب: ٧ ٢) وفى الحديث عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه قال حين حضرته الوفاة: قد كنت كتمت عنكم شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لولا أنكم تذنبون لخلق الله تبارك وتعالى قوماً يذنبون فيغفر لهم". رواه أحمد [١٠] ، وفى الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون"[١١] . أخرجه الترمذي. وقال:"هذا حديث غريب"، والحديث وان اختلف في صحته فمعناه صحيح.