"أبشر ببلاد خيرٍ من بلادك، وأبشر بالعزِّ والمنَعة".
فقال الشيخ:
"وأنا أُبشرك بالعز والتمكين، وهذه الكلمة ـ لا إله إلا الله ـ مَن تمسك بها وعمل بها ونصرها، ملك بها البلاد والعباد، وهي كلمة التوحيد، وأوَّل ما دعت إليه الرُّسل مِن أولهم إلى آخرهم، وأنت ترى نجداً وأقطارها أطبقت على الشرك والجهل والفرقة وقتال بعضهم لبعض، فأرجو أن تكون إماماً يجتمع عليه المسلمون، وذريتك من بعدك".
عند ذلك قال الإمام محمد بن سعود للشيخ محمد بن عبد الوهاب:
"يا شيخ. إنّ هذا دين الله ورسوله، الذي لاشك فيه، وأبشر بالنُّصْرة لك ولِما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد"[٢] .
وقد كان الإمام محمد بن سعود رجلاً حكيماً، حسن السياسة، قد قضى على دسائس المنافسين في الداخل، والدفاع ضد الأعداء الطامعين من الخارج.. يثبت ذلك استقرار إمارة الدرعية عشرين سنة في عهده قبل مبايعة الشيخ له. وقد كان معروفاً بالوفاء، مشهوراً بذلك..
ثم إن الإمام محمد بن سعود قد أدرك بصفاء بصيرته، وسلامة تفكيره، صحة ما يدعو إليه الشيخ من نصرة دين الله، والقيام بتوحيده، وإصلاح الدين والدنيا معاً، فقام بنصرته.
وأصبح الإمام محمد بن سعود هو المؤسس لدولة آل سعود الأولى، وهو الذي سنّ سُنّةً حسنة لبنيه بمناصرة دين الله، وإكرام علماء السنة، وتطبيق الشريعة [٣] .
ومن ثم قام الإمامان الجليلان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والإمام محمد بن سعود ـ رحمهما الله ـ وأنصارهما بكل ما أُوتوا من قوة العلم والإيمان، بنشر هذه الدعوة المباركة، ورفع راية الجهاد على من وقف في طريق الدعوة.