واستمر الشيخ ـ رحمه الله ـ في الدعوة إلى الله عز وجل، وتدريس العلوم الشرعية للطالبين، وكشف الشبهات التي يروجها الكفار والملحدون من عُبَّاد القبور وغيرهم، ويُشَجِّع على الجهاد بأنواعه، ويشارك بنفسه وأولاده، ويؤلف المؤلفات النافعة والرسائل المفيدة في بيان العقيدة الصحيحة، وردّ ما يخالفها بأنواع الأدلة، حتى ظهر دين الله، وانتصر حزب الرحمن، وذلّ حزب الشيطان، وانتصرت العقيدة السلفية في الجزيرة العربية وما حولها وكثر الدُّعاة إلى الحق، ونُكِّست أعلام البدع والشرك والخرافات، وقام سوق الجهاد، وعُمِّرت المساجد بالصلوات والدروس الإسلامية النقية [٤] .
وكان أهل الدرعية في غاية الجهالة، وقد وقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك الأكبر والأصغر، والتهاون بالصلاة والزكاة، ورفض شعائر الإسلام [٥] .
فتخولهم الشيخ بتعليمهم وتلقينهم التوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأمر بتعليم معنى (لا إله إلا الله) ، وأنها نفيٌ وإثبات، فـ (لا إله) تنفي أن يكون هناك معبوداً بحق، و (إلا الله) تثبت العبادة لله وحده لا شريك له، ثم أمرهم بتعليم الأصول الثلاثة، وهي معرفة العبد ربه، ودينه، ونبيه صلى الله عليه وسلم [٦] .
ثم إن الشيخ كاتب أهل البلدان ورؤساءهم وقضاتهم، ومُدَّعي العلم منهم، فمنهم من قبل واتبع الحق، ومنهم من اتخذه سخرياً واستهزأ به، ونسبه إلى الجهل وعدم المعرفة، ومنهم من نسبه إلى السحر، ومنهم من رماه بأشياء وهو بريءٌ منها [٧] .
وبتحالف الشيخ محمد بن عبد الوهاب مع الإمام محمد بن سعود، قامت في قلب الجزيرة العربية بعد نيفٍ وألف سنة من انتهاء عهد الخلفاء الراشدين دولة تحكم بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبالقدوة الحسنة المتوارثة عن السلف الصالح.