وفي توافق تام التأمت الإمامة الشرعية والسياسية الحكيمة في هذا الكيان السياسي الجديد، الذي شهدته بداية النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري، ونشأ في قلب الجزيرة مجتمع هذّب الإسلام جوانبه، وقوّم اعوجاجه، وأزال نقائصه.
وقد اتسعت رقعة الدولة السعودية الأولى اتساعاً هائلاً، وخاصة في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وسعود بن عبد العزيز، حيث وصلت حدود الدولة السعودية على أيام سعود بن عبد العزيز إلى جزر البحرين وعُمان وحتى مسقط..
واتسعت رقعتها في كل اتجاه بما في ذلك مدن الحجاز، حيث زالت سيادة الدولة العثمانية على الحرمين [٨] . وأصبحت كلها منطقة سعودية. أما من الناحية الجنوبية الغربية فقد انضمت إليها منطقة عسير، ثم تبعتها منطقة المخلاف السليماني (جازان) ، كما أدخلت تحت نفوذها أجزاء كبيرة من أراضي إمام اليمن وبَلْدَانه المهمة، خاصة الساحلية، وقد ازداد توغلها في الساحل اليمني حتى أوشكت أن تستولي على عدن، ومن الجنوب امتدت رقعتها حتى الربع الخالي. بل إنّ غاراتها وصلت إلى مشارف حضرموت. أما من ناحية الشمال فقد أدخلت تحت طاعتها جميع أجزاء الجزيرة العربية الشمالية، ومدَّت لها نوعاً من النفوذ في أماكن من العراق والشام تمثل في دفع بعض القبائل هناك الزكاة إليها [٩] .
وللإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود الذي بويع إماماً للمسلمين بعد وفاة أبيه سنة ١١٧٩هـ[١٠] مكانة خاصة من أثر دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية، فمنذ كان صغير السن، كان له اهتمام بعلم الشيخ، فقد كتب للشيخ وهو بالعيينة يطلب منه أن يكتب له تفسير (الفاتحة) فكتبها له وهو إذ ذاك صغير السن قد ناهز الاحتلام [١١] .