"وكان عبد العزيز كثير الخوف من الله، كثير الذكر لله، آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر، لا تأخذه في لله لومة لائم، ينفّذ الحق ولو في أهل بيته وعشيرته، لا يتعاظم عظيماً إذا ظلم فيقمعه عن الظلم، وينفِّذ الحق فيه، ولا يتصاغر حقيراً ظُلم فيأخذ له الحق ولو كان بعيد الوطن، وكان لا يكترث في لباسه ولا سلاحه.."[١٢] .
"وكان ـ رحمه الله ـ مع رأفته بالرعية، شديداً على من جنى جناية من الأعراب، أو قطع سبيلاً، أو سرق شيئاً من مسافر، بحيث مَن فعل شيئاً من ذلك أخذ ماله نكالاً أو شيئاً منه على حسب جنايته، وأدَّبه غير ذلك أدباً بليغاً"[١٣] .
"وكان يوصي عمّاله بتقوى الله، وأخذ الزكاة على الوجه المشروع، وإعطاء الضعفاء والمساكين، ويزجرهم عن الظلم وأخذ كرائم الأموال"[١٤] .
وقد وصف الشيخ عثمان بن سندي البصري الفيلكاوي ـ الذي عاصر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ حالة الأمن في المناطق التي كان يحكمها آل سعود إذ ذاك بأنهم ـ أي آل سعود ـ قد أمنوا البلاد التي ملكوها، وصار كلُّ ما كان تحت حكمهم، حتى البراري والقِفار، يسلكها الرجل وحده على حماره بلا خفر، وخصوصاً بين الحرمين الشريفين، ومنعوا غزو الأعراب بعضهم البعض، وصار جميع العرب على اختلاف قبائلهم من حضرموت إلى الشام كأنهم إخوان، أو أولاد رجل واحد، وهذا بسبب تأديبهم للقاتل والنّاهب والسارق، إلى أن انعدم هذا الشر في زمان ابن سعود".
هذه شهادة من رجل يعد من خصوم آل سعود، فهو من أعوان الدولة العثمانية، وله صلات قوية بولاة بغداد العثمانيين، ولا يمكن اعتباره ـ بأية حال ـ ذا صلة بآل سعود، ولكن ذلك لم يمنعه من أن يقول كلمة الحق، وأن يؤرخ للأمن في شبه الجزيرة العربية، في سياق أحد مؤلفاته، ليثني على ما تحقق منه على أيدي أمراء آل سعود في أوائل القرن الثالث عشر للهجرة [١٥] .