حيث زاد ألف الإطلاق في الفعل "صيَّر".
وقال في باب "أعلَمَ وأرى":
وكأرى السابقِ نبَّا أخبرَا
حدَّثَ أنبأ كذاك خبَّرا
اقتضت ضرورة النظم زيادة الألف في الفعلين "أخبرَ"و "خبَّر".
وثمت نماذج كثيرة في الألفية ليست بخافية على القارئ. من أجل ذا أكتفي بما ذكرت خشية الإطالة.
قطع همزة الوصل:
وهو من الضرائر اليسيرة التي لا تُغير إعراباً ولا تُحيل معنًى كذلك ولكنه لا يسوغ إلا لضرورة الشعر.
قال الزمخشري: "وإثبات شيء من هذه الهمزات في الدرج خروج عن كلام العرب، ولحن فاحش؛ فلا تقل: الإسم والإنطلاق والإستغفار ومن إبنك وعن إسمك. وقوله:
إذا جاوَزَ الإثنين سِرٌّ
من ضرورات الشعر".
فيجوز للشاعر عند الضرورة قطع ألف الوصل في الدرج إجراءً لها مجراها في حال الابتداء بها. وأكثر ما يكون ذلك في أوائل أنصاف الأبيات؛ لأنها إذ ذاك كأنها في ابتداء الكلام.
والقطع بهذه الهيئة أسهل من القطع في حشو البيت؛ لأن المصراع كثيراً ما يقوم بنفسه حتى يكاد يكون بيتاً كاملاً فكأن الهمزة وقعت أولاً.
أما القطع في حشو البيت فهو قليل كما تقدم. ومنه قول قيس بن الخطيم:
إذا جاوز الإثنين سرٌّ فإنه
بِنَثٍّ وتكثير الوشاة قمينُ
فقطع الألف من "الاثنين"وهي ألف وصل.
وقد لجأ إلى ذلك ابن مالك في ألفيته حين قال في باب "ما لا ينصرف":
وألغينَّ عارضَ الوصفيَّهْ
كأربعٍ وعارضَ الإسميّهْ
فقطع الهمزة في قوله: "الاسمية" وهي همزة وصل ليتيسَّر له إقامة الوزن.
وصل همزة القطع:
وهو عكس ما تقدم وأكثر منه استعمالاً كما ذكر ابن جني وغيره. فللشاعر عند الضرورة أن يصل ألف القطع لإقامة الوزن كما قال حاتم الطائي:
أبوهم أبي والامَّهاتُ امهاتُنا
فأنعم ومتِّعني بقيس بن جحدرِ
يريد: والأمهات أمهاتنا
ولا يقتصر الوصل في الأسماء بل يسوغ في الأفعال أيضاً. أنشد أبو علي الفارسي:
إنْ لم أُقاتِلْ فالبسوني بُرقُعا
وفَتَخاتٍ في اليدينِ أَرْبَعا