يفقد حرارته، ويخبو ضوءه، وتسكن إشعاعاته، ثم يضربون حوله ستارا حديديا يمنع الناس من الوصول إليه ويمنعه من أن يلقي إليهم بشهاب قبس أو جذوة من نار..
وتقوم المعركة داخل المجتمع، إذا شعر العقلاء بخطورة هذا المصطلح، حيث ينبهون الناس إلى حقيقته وأهدافه وأنه ليس صديقا زائرا، وإنما هو غازٍ، فاتح وعدو فاتك..
ويستنجد بالمصطلح بالطابور الفكري الخامس، الذي يهب للوقوف إلى جانبه، ويشهر سلاحا آخر من المصطلحات والشعارات، فهؤلاء الذين يحاربون المصطلح الجديد: رجعيون!! برجوازيون!! خونة!! عملاء!! رأسماليون!! ديمانموجيون!! ثيوقراطيون!! إمبرياليون!! ..إلى هذا المسلسل الأجنبي..!!
ويحفظ العوام والدهماء، و (البروليتاريا) هذه المصطلحات، من كثرة ترديدها، على مسامعهم، ويظنون أنهم إذا ما رددوها، قد صاروا في عداد العلماء، واجتازوا بذلك مرحلة الأمية، وأصبح بإمكانهم أن يتحدثوا للناس ويخطبوا في المجالس والاحتفالات، ويناقشوا في المراكز والمنتديات، ويقدموا لنا نظريات في بناء الدولة والمجتمع، ويقدوا الأمة بمفكريها وعقلائها إلى هذا الدرك الهابط والمستنقع الآسن، حيث يسود الجهل وينزوي العلم، وتنقلب القيم، وتختلط المفاهيم، فتضيع الحقائق وتنتشر الفوضى وينحل المجتمع، فيقتل الناس بعضهم بعضا، وتسود شريعة الغاب، فتطل الذئاب، وتنبح الكلاب وينعق البوم، ويسود الوجوم، ويسجل التاريخ نهاية أمة..