للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الأول: في المجمع عليه

١- تعريف الإجماع في اللغة وفي اصطلاح الأصوليين.

أ- الإجماع في اللغة:

الإجماع من الألفاظ المشتركة في وضع اللغة بين معنيين: -

الأول: العزم. يقال: ((أجمع فلان على كذا)) إذا عزم عليه، وجاء في الحديث "لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل" [٢] أي لم يعزم الصيام من الليل وورد في الكتاب الكريم {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ} [٣] أي اعزموا. والإجماع بهذا المعنى يصدر عن الواحد كما في المثال الأول، وكما جاء في الحديث، ويصدر عن الجمع كما في الآية الكريمة.

الثاني: الاتفاق، يقال: ((أجمع القوم على كذا)) إذا اتفقوا عليه.

وهو بهذا المعنى لا يصدر إلا عن الجمع، ولا يتصور من الواحد. وقيل إن الإجماع في وضع اللغة هو الاتفاق والعزم راجع إليه، لأن من اتفق على شيء فقد عزم عليه [٤] .

وقيل إن الإجماع حقيقة في معنى الاتفاق لتبادره إلى الذهن مجاز في معنى العزم لصحة سلب الإجماع عنه [٥] .

ب- الإجماع في الاصطلاح:

عرف كثير من الأصوليين الإجماع بأنه:

"اتفاق المجتهدين من هذه الأمة في عصر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أمر ديني ".

شرح التعريف وبيان ما يفهم منه من أمور.

١- الاتفاق لفظ مشترك بين القول والفعل والاعتقاد، فلو اتفقوا على قول من الأقوال يكون إجماعا، وكذلك لو اتفقوا على فعل، كما إذا شرع أهل الاجتهاد جميعا في المزارعة أو الشركة، وكذلك لو اتفقوا على عقيدة كإجماعهم على نفي تعدد الآلهة وبطلان عقيدة التثليث.

٢-إن اتفاق المجتهدين هو المعتبر في الإجماع الذي هو دليل على الأحكام الشرعية، فلا عبرة في هذا المجال باتفاق غيرهم من المفكرين وعامة الناس ومن العلماء من يرى دخول عامة الناس في أهل الإجماع، وهو رأي باطل لأن أمثال هؤلاء لا يملكون دقة النظر في الأمور الشرعية.