للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: يجوز لأنهم نزلوا على حكمه.

والثاني: لا يجوز لأنه عقد معاوضة فلا يجوز من غير رضاهم.

وإن حكم الحاكم أن من أسلم منهم استرق ومن أقام على الكفر قتل جاز، ثم إن أراد الإمام أن يسترق من حكم بقتله لم يجز لأنه لم ينزل على هذا الشرط، وإن حكم عليهم بالقتل ثم رأي الإمام أن يمن عليهم جاز؛ لأن سعد بن معاذ حكم بقتل رجال بني قريظة.

وسأل ثابت بن قيس الأنصاري أن يهب له الزبير بن باطا اليهودي. فوهبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم (١) .

وإن حكم باسترقاقهم لم يجز أن يمن عليهم إلا برضا الغانمين لأنهم صاروا مالاً لهم.

وإن حكم بما لا يوافق الشرع مثل أن يحكم بقتل الصبيان والنسوان لم ينفذ لو استنزلهم على أن ما يقضي الله فيكم يقدمه لم يجز لأنهم لا يعرفون حكم الله عز وجل.

روي عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزل على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا" (٢) والله أعلم (٣) .

باب فتح السواد

سواد العراق فتحت في زمن عمر عنوة، وصارت أراضيها للغانمين فاستطاب عمر رضى الله عنه أنفسهم بمال عوضهم عنها، وضرب عليها خراجاً معلوماً ولولا أن الغانمين ملكوها لم يكن عمر رضي الله عنه يعوضهم عنها.

وعند أبي حنيفة: يتخير الإمام في العقار المغنوم بين أن يقفها كما فعل عمر بسواد العراق، وبين أن يترك إلى الكفار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بعقار مكة، وبين أن يقسمها بين الغانمين كالمنقول.

وعندنا يقسم العقار كالمنقول (٤) .

ومكة فتحت صلحاً، وفي سرد قصة الفتح بيان أنها مفتوحة صلحاً.


(١) انظر: السنن الكبرى: كتاب السير - باب ما يفعله بالرجال البالغين منهم ٩/٦٦.
(٢) انظر: صحيح مسلم: كتاب الجهاد والسير - باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث ٣/١٣٥٨.
(٣) والقصة تقدمت في ص.
(٤) انظر: كتاب السير من الحاوي ٤/١١٦٧.