وسواد العراق قسمها عمر بين الغانمين ثم عوضهم عنها باستطابة أنفسهم قال جرير بن عبد الله البجلي كانت بجيلة ربع الناس، فقسم لهم عمر ربع السواد فاستغلوا ثلاث سنين، قال جرير:"فقدمت على عمر، فقال عمر: لولا أني قاسم مسئوول لتركتكم على ما قسم لكم، ولكني أرى أن تردوا على الناس ففعلوا، وإنما فعل عمر ذلك خوفاً من أن يشتغل الناس بالزراعة والحرث فيختل أمر الجهاد".
قال جرير:"فعاضني عمر من حقي نيفاً وثمانين ديناراً ومعي امرأة يقال لها أم كرز فقالت: شهد أبي القادسية، وأثبت سهمه ولا أسلمه حتى تملأ كفي دنانير وفمي لآلئ، وتركبني ناقة حمراء، ففعل عمر، فتركت حقها.
وحد سواد العراق من عبّادان إلى الموصل طولاً، ومن القادسية إلى حلوان عرضاً".
قال الساجي:"هو اثنان وثلاثون ألف ألف جريب". وقال أبو عبيد:"ستة وثلاثون ألف ألف جريب".
ولا يدخل فيه البصرة وإن كانت داخلة في حد السواد؛ لأنها كانت أرضاً سبخة أحياها عثمان بن أبي العاص وعتبة بن غزوان بعد الفتح.
واختلف أصحابنا فيما فعل عمر بأراضي السواد:
قال ابن سريج:"باعها من أهلها وما يؤخذ من الخراج ثمن منجم يؤدون كل سنة شيئاً بدليل أن من زمن عمر إلى زماننا تباع تلك الأراضي وتبتاع من غير إنكار أحد".
فعلى هذا لا يجوز أن يزاد على ما وضع عمر ولا ينقص.
وقال الأكثرون وقفها عمر على المسلمين والخراج المضروب عليها أجرة منجمة يؤدونها كل سنة نص عليه في سير الواقدي.
فيجوز أن يزاد عليها وينقص عنها. فإن قلنا إنه كان بيعاً فيجوز لأهلها بيعها ورهنها.
وإن قلنا كان وقفا لا يجوز بيعها ولا هبتها ولا رهنها وإنما تنقل من يد إلى يد وعلى الوجهين يجوز إجارتها.
فإن قيل إذا جعلتموه بيعاً كيف يجوز البيع بثمن إلى آجال غير معلومة قلنا قد يجوز للإمام أن يفعل في أموال الكفار مالا يجوز في أموال المسلمين لما يرى فيه من المصلحة.