فقد كان تجار العرب يرتادون شواطئ الهند الغربية ويمرون بها إلى جزيرة سرنديب حتى يصلوا إلى شواطئ الهند الشرقية، ومن هناك كانوا يبحرون إلى الصين، وبقيت هذه الصلات التجارية قائمة حتى جاء الإسلام فدخل الهند في العهد المبكر مع التجار المسلمين العرب.
ولم تكن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي دخل بها الإسلام هذه البلاد، بل هناك واسطة أخرى فقد دخل الإسلام مع الغزاة والفاتحين بطريق البحر والبر وكذلك دخل علم الحديث في أوائل الفتح الإسلامي في بلاد الهند، وكان من جملة من وفد إليها من المجاهدين في سبيل الله، الربيع بن الصبيح السعدي الذي قال عنه الحلبي في"كشف الظنون"هو أول من صنف في الإسلام، ولا شك أنه من أول المؤلفين في علم الحديث إذ لم يكن أولهم بالإطلاق وقد مات ودفن في الهند سنة ١٦٠ هـ[١]
وأدركت الهند العناية الإلهية، فأتحف الله البلاد بالوافدين الكرام من المحدثين من الأقطار الإسلامية وذلك في القرن العاشر وكذلك ساق سائق التوفيق لبعض علماء الهند إلى الحرمين الشريفين مصدر هذا العلم ومعقله ويطول ذكر أسمائهم، هو عصر النشاط في علوم الحديث.
ولو استعرضنا ما لعلماء الهند من الهمة العظيمة في علوم الحديث من ذلك الحين لوقع ذلك موقع الإعجاب والاستغراب، كم لهم من شروح ممتعة وتعليقات نافعة على الأصول الستة وغيرها، ومؤلفات واسعة في أحاديث الأحكام وكم لهم من أياد بيضاء في نقد الرجال وعلل الحديث وشرح الآثار وتأليف مؤلفات في شتى الموضوعات، وشروحهم في الأصول الستة وغيرها من كتب السنة تزخر بالتوسع في شرح أحاديث الأحكام.