وبقدر ما ينقص العبد من أنواع التوحيد، بقدر ما يحل في قلبه من أنواع الشرك بمقدار ما ينقص، ومن ثم فإن المقتصر على توحيد الربوبية لا يعتبر موحداً بل يعد مشركاً..
ولا غرابة في أن يختلط الإيمان بالشرك في قلب العبد، فالله تعالى قد أشار إلى ذلك في قوله {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[٤] وفي قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[٥] .
فمن الناس من يؤمن في جانب ويشرك في جانب، والشرك في أي نوع من أنواع التوحيد مبطل للعمل الملابس له. يقول تبارك وتعالى:{وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[٦] ، كما أن المشرك ما لم يتب من شركه يحرم الجنة، لأنه ظالم، يقول تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[٧] ، ويقول:{نَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[٨] .
وإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل المشركين من العرب الذين اقتصروا على الإقرار بتوحيد الربوبية، لأنهم بإقرارهم هذا لم يصبحوا موحدين معصومي الدم والمال، فإنه من باب أولى ينبغي قتال من لا يقرون بالربوبية إطلاقاً، مثل الملاحدة كالشيوعيين والطبيعيين والدهريين ومن على شاكلتهم في أي زمن يكونون، وبأي اسم يتسمون.
ولكن القتال للمقتصرين على توحيد الربوبية وعلى منكريها لا يكون إلا بعد بيان الحق ودليله مما قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، ودعوتهم إليه فترة يبين بعدها أنهم يردون الحق ويأبون قبوله.