ما هناك حاجة إلى ذكر سبب نزول الآية بعد بيان اتصال الآيات ببعضها واتحاد معناها. بيد أن أكثر أهل التفسير يذكرون هنا حادثة مفتاح الكعبة. وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم له من عثمان بن طلحة ورده إليه بعد دخوله الكعبة وخروجه منها يوم فتح مكة المكرمة، لأن سياق القصة يقول: خرج الرسول صلى الله عليه وسلم من البيت وهو يتلو أية: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} وأعطى المفتاح لعثمان، وابن عمه شيبة وقال لهما [١] : خذاها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم. فظن أن الآية نزلت في هذه الحادثة والرسول صلى الله عليه وسلم في البيت فخرج يتلوها. غير أنه ليس لازما أن تكون نزلت بالبيت، لأن قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم لها بعد خروجه من الكعبة قد تكون من باب التمثل بالآية والاستشهاد بها على رد الأمانات، وإن كانت الآية قد نزلت قبل في سياق السورة الطويلة سورة النساء التي منها هذه الآية. كما أنه لا مانع أن تكون الآية قد نزلت في هذه الحادثة أثناء وجود الرسول صلى الله عليه وسلم في داخل الكعبة وخرج يتلوها بياناً لحكم رد المفتاح إلى عثمان وابن عمه وقد أخذه منهما على أساس أنه أمانة مؤداة كما جاء في ألفاظ القصة، ثم وضعت الآية في الموضع الذي يناسبها من السورة.