ولعل القراء الكرام يودون سماع قصة المفتاح فنورد لهم بعض ألفاظها هنا فنقول: ذكر صاحب تفسير المنار رحمه الله تعالى: أن صاحب كتاب لباب النقول قال: أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة دعا عثمان بن أبى طلحة فلما أتاه قال: أرني المفتاح! فلما بسط يده إليه، قام العباس فقال: يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجمعه لي مع السقاية، فكفَّ عثمانُ يدَه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتِ المفتاح يا عثمان،فقال هاك أمانة، فقام ففتح الكعبة، ثم خرج فطاف بالبيت ثم نزل عليه جبريل برد المفتاح، فدعا عثمان ابن طلحة فأعطاه المفتاح، ثم قال، {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} حتى فرغ من الآية. وأخرج شعبة في تفسيره عن حجاج عن ابن جريج قال نزلت هذه الآية في عثمان بن أبي طلحة أخذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة فدخل به البيت يوم الفتح، فخرج وهو يتلو هذه الآية، فدعا عثمان فناوله المفتاح، قال: وقال عمر ابن الخطاب ما سمعته يتلوها قبل ذلك. قلت: ظاهر هذا أنها نزلت في جوف الكعبة اهـ.
مباحث الألفاظ:
إن: حرف توكيد ونصب، توكيد يؤكد به الخبر الذي تضمنته الجملة التي دخل هو عليها. ونَصْب أي ينصب الاسم الذي بعده. ويرفع الخبر لفظا إن كان مفرداً، أو حكماً إن كان جملة كما هو هنا (يأمركمْ)
الله: هذا هو اسم الجلالة الأعظم، وهو عَلَمُ على ذات الربّ تبارك وتعالى، فيُنادى به ويُدعى فيقال يا الله، فيجيب سبحانه وتعالى.
يأمركم: الأمر: الطلب على وجه الاستعلاء، فالله تعالى هو الآمر، والعباد هم المأمورون، والله تعالى هو الغالب القاهر والعباد هم المغلوبون المقهورون.
فلذا كان طلبه تعالى منهم أداء الأمانات والحكم بالعدل أمراً يجب أن يطاع فيه.