_ وهم معذورون في ذلك.. لأنهم لا يلقون من هؤلاء المتطفلات عليهم سوى الضرر المحض..
_ ضرر!..
_ أجل.. ضرر لا يطيقونه، ولا يملكون له دفعا..
_ أوضحي يا رضية.. فأنا لا أعرف الضرر الذي تعنينه.
_ وأي ضرر أسوأ من أن يجدوا كل فرجة في بيوتهم مقرا لبعض هذه الأزواج تبني فيها عشها، وتضع فراخها وتلقي بزرقها على كل شيء، لا تستثني من ذلك الثياب، والمارة والسيارات..
_ أف.. حقا إنه لعمل مخجل.
_ ولأنه مخجل لم أسمح لنفسي بسلوك هذه الطريق حتى الساعة..
_ ولماذا لا تفكرين وأمثالك من الحكميات بمخرج من هذا المأزق!..
_ المخرج معروف.. وخطير يا رضية.. لأنه يصادم عادات الناس ومألوفهم.
_ وما هو؟..
_ هو ذبحنا..
_ هو ذبحنا..
_ وي.. وي!
_ أجل ذبحنا.. وهو حكم أصدره ثالث خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من على منبره في هذا المسجد المبارك..
_ وهل يعقل هذا؟..
_ وهل يحكم خليفة رسول الله بغير المعقول؟.. لقد لاحظ ما تجره الحمائم من أذى على المسجد، وما تحدثه الكلاب من أضرار في المدينة فقال للناس: اذبحوا الحمام واقتلوا الكلاب.. [١]
_ وهل أنت مستيقنة من هذا الخبر يا رضية؟..
_ لقد سمعته من بعض علماء هذا المسجد المبارك.. ورويناه بالتسلسل أبا عن جد عن عثمان رضي الله عنه.
_ أكاد أقتنع بهذا الحل يا رضية.. ولاسيما في شأن الكلاب التي بلغ من ضررها في المدينة أن افترست طفلين في منطقة قباء خلال السنوات الأخيرة..
وفي هذه اللحظة ارتفع صوت المؤذنين لصلاة الظهر.. فانقطع الحوار، وانصرفت الصديقتان إلى متابعة كلمات النداء في خشوع عميق.
[١] أخرجه الإمام أحمد في مسنده عن عثمان رضي الله عنه.