ومضت رضية تقول: هل أدركت يا عزيزتي لماذا أضيق صدرا بالمقام في هذا المكان الكريم.. وأود لو أستبدل بحياتي كلها أسبوعا واحدا في قفصك الذي ما كنت لتعرفي قيمته من قبل!..
وفي فرحة غامرة ردت لطيفة: ألف أهلا.. بك.. على الرحب والسعة.. إن في قفصي السعيد لمتسعا لرفيقة حكيمة صالحة مثلك..
وفي حزن لم تستطع إخفاؤه أجابت رضية: شكرا لله لك حسن مودتك.. ولكن..
_ ماذا؟..
_ إن أصحابك سيطرونني حتما..
_ أهذا ممكن!.. ولم؟
_ لأني لا أستطيع مكافأتهم على أي معروف..
_ وكيف! ألست ستهاجرين إلينا مع قرينك، فتلدين كما ألد، وينتفعون بك كما ينتفعون بي تماما!..
_ هيهات يا عزيزتي.. إن الناس لا يستحبون لحومنا، ولا يستحلون لحم فراخنا ولو عشنا في بيوتهم وعلى طعامهم.. وهكذا سنظل طاقات معطلة كما وصفت لكِ لا فائدة فينا لأحد من خلق الله..
_ هكذا!..
_ أجل يا عزيزتي.. سنظل أبدا نأكل ونشرب ونتوالد ثم نموت دون أن نرد للمحسن جميلا.. ودون أن تظفر إحدانا من مخلوق بكلمة (رحمها الله) على حين لا يذبح أحداكن ذابح، ولا يأكلها آكل إلا ذكر عليها اسم الله.. وكفى بهذا عزاء لها جميلا.
_ ولكن يا رضية.. إن كثيرات من سربك يعشن في بيوت المدينة.. ولابد أن حياتهن هناك كحياتنا نحن في بيوت أصحابنا.. يأخذن من خيرها ويعطينها من خيرهن..
_ ذلك محض الظن.. أما الحقيقة فهي على الضد من ذلك..
_ وكيف؟..
_ إن هؤلاء المهاجرات قد لجأن إلى أطناف تلك البيوت رجاء الحصول على مثل حياتك.. إلا أنهن..
_ أتمي.. ولا تترددي.
_ إلا أنهن أخفقن تماما، لأن القوم يرفضون بإصرار تغيير رأيهم فينا.. لذلك يضيقون ذرعا بهؤلاء النزيلات ويعملون للتخلص منهن بكل ما يملكون من قدرة قد تصل إلى حد الترويع والإيذاء..