قطعت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم مرحلتها السرية، وشوطاًَ من طورها الجهري، بعد مضي نحو خمس سنوات من بدايتها، وقد سعت قريش بجميع عروضها المغرية ضد الرسول صلى الله عليه وسلم لتعطيل حركة الدعوة، ووقف سيرها، وهى تعلم أن ما تصبو إليه بعيد المنال، فأكبت على المسلمين بضروب من العذاب وفنون من الأذى والنكال، مع قلة عددهم، وضعف قوتهم المادية، وأخذت تمارس ألواناً من الإيذاء الموجع، والتعذيب المهلك، ضد جماعة المؤمنين حتى بلغ أذاهم مبلغاً يذيب الصخر، ويفتت الجبال الراسيات، فصبروا على هذا الإبتلاء دون وهن، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في منعة من قومه، وحماية عمه أبى طالب، لا يصل إليه شيء يكرهه مما ينال أصحابه، ولم يكن يقدر على أن يمنعهم مما هم فيه من البلاء.