أما إعراب جملة الاستفهام هذه:{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} فاكتفى منه بما يلي:
الواو الواقعة بعد همزة الاستفهام واو الحال، و (لو) حرف شرط لا يجزم، وليست (لو) هنا وصلية زائدة للربط والتوكيد. و (كان) ماض ناقص هو فعل الشرط لا محل له من الإعراب. و (شيئاً) يجوز أن يكون مفعولاً به على معنى لا يعقلون شيئاً من الأشياء، فهو نكرة وقعت في سياق النفي فتعمّ، ويجوز أن يكون (شيئاً) منصوباً على المصدرية على معنى لا يعقلون شيئاً من العقل. وجملة:{أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} في محل نصب على الحالية.
وهناك جملة مقدّرة بعد همزة الاستفهام مباشرةً دلّ عليها الكلام السابق والتقدير أيتبعونهم ولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون.
وقد اشتملت هذه الجملة المقدّرة على صاحب الحال وهو الضمير المفعول به (هم) وعلى العامل في الحال وصاحبها وهو مضارع (يتبعون) .
وهذه الجملة المقدّرة دلت على جواب (لو) الشرطية وأغنت عنه، وهو مع متعلقها موضع الإنكار والتوبيخ والتعجب.
وقد أعرب العكبري [١] وابن عطية [٢] ومكي بن أبي طالب [٣] الواو الواقعة بعد همزة الاستفهام والداخلة على (لو) في قوله تعالى: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ} أعربوها عاطفة، ولم يذكروا المعطوف عليه ولم يقدّروه، وذهب الزمخشري إلى أنها واو الحال [٤] ، وحاول أبو حيان في تفسيره البحر المحيط [٥] أن يجمع بين الرأيين: فقال: "إنها حالية لأنها داخلة على جملة حالية، وهي في الوقت نفسه عاطفة لأنها عطفت الجملة الحالية بعدها على جملة حالية مقدّرة ولكنه لم يذكر تلك الجملة الحالية المقدّرة".
والذي يبدو لي أن الرأي مع الزمخشري، وهو أن الواو الداخلة على (لو) الشرطية واو الحال، وليست واو العطف، لأنه ليس هناك ما يصلح أو يحسن أن يكون معطوفاً عليه.