ولنضرب لذلك مثلا قريبا من مشكلة التدخين التي طرأت على العالم الإسلامي في العصور المتأخرة، فإذا علماؤه مختلفون في أمره، أهو من الملحقات بالخبائث المحرمة بالنص، أم هو من الطيبات المباحات؟ ... وتسلل الهوى إلى بعضهم فإذا أحدهم يقول:"إن كان حلالاً فقد شربناه، وإن يكن حراما فقد أحرقناه".. وطبيعي أن مثل هذا القول أقرب إلى اللغو منه إلى العلم.. وكان الأحرى بهذا الفريق المتردد في تحريمه أن ينظر إلى الموضوع على ضوء التوجيه النبوي الذي يقضي بأنه من المشتبهات التي يتنزه أولو الأحلام عن مقارفتها- فكيف إذا تذكر قول ربه القاطع المانع:{وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً} وهو مقر من أعماقه بأن التدخين من أنواع التبذير الملحق لأهله بأشياع الشيطان..
هذه مقدمة لعل فيها ذكرى لإخوة لنا في الله فرق بيننا وبينهم الاجتهاد في شأن القات، فذهبنا يمينا وذهبوا يسارا، والمتوقَّع من أهل الإيمان إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا.
. إن موضوع القات كموضوع التدخين ونحوه من الأحداث العارضة بعد خير القرون، ولابد من الرجوع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله للتحقق من شأنه وحكمه..
وقد شاء الله أن يسلط على موضوع القات مزيدا من الأضواء بما انتهى إليه خبراء الطب والمخابر التحليلية من معلومات جديدة عنه تبين على وجه القطع أنه من الخبائث التي لا تتجاوز نطاق الضير والضرار.. وبذلك ينتقل حكمه من دائرة المشتبهات إلى دائرة المحرَّمات..