فلم ينسفح من جفني الدمع وحده ... ولكنَّ كلّي مدمعٌ منه سافح
أصبراً وذا إنسان عيني أطبقت ... على شخصه أجفانهنَّ الضرائح
بمن عن ضياء العين يعتاض طرفها ... فيغدو عليه وهو للجفن فاتح
لتجر الليالي كيف شائت بنحسها ... فما عندها فوق الذي أنا نائح
وماذا تريني بعدما في مدى الأسى ... بدا لفؤادي سعدها وهو ذابح
أقول لركب أجمعوا السير موهناً ... وقد نشطت للكرخ فيهم طلائح
أقيموا فواقي ناقة من صدورها ... لأودعكم مااستحفظته الجوانج
خذوا مهجتي ثمّ انضحوها عقيرةً ... على جدث دمع العلى فيه ناضح
وقولا لأيد أهبطت فيه جعفراً ... ولم تدر ماذا قد طوته الصفائح
لأحدرت من قلب المكارم فلذةً ... قد انتزعتها من حشاها الفوادح
فغير جميل بعده الصبر والعزا ... ولا العيش لي لولا محمّد صالح
فتى الحلم لا مستثقلاً لعظيمة ... تخفُّ بها الأحلام وهي رواجح
تدرّع من نسج البصيرة قلبه ... أضاة أسىً لم تدرعها الجحاجح
وصابرها دهياء في فقد جعفر ... يكافح منها قلبه ما يكافح
تسربلتها يا دهر شنعاء وسمها ... لوجهك ما عمّرت بالخزي فاضح
أفق أيّ وقت منك فيه لجعفر ... تفرغ كفٌّ ليته منك طائح
وقد شغلت في كلّ لمحة ناظر ... يديك جميعاً من أبيه المنائح
فتىً يجد الساري على نوره هدىً ... ولو شمّه فجٌّ من الأرض نازح
كأنّ المحيّا منه والليل جانحٌ ... سهيلٌ لأبصار المهبّين لامح
نمته إلى المجد الضريح معاشرٌ ... أكفّهم أنواءُ عرف دوالح
مضيئون ضوء الأنجم الشهب للورى ... فأوجههم والشهب كلٌّ مصابح
على أوّل الدهر استهلَّ نداهم ... فسالت به قبل الغيوث الأباطح
ومدَّ أبوالمهدي فيه أناملا ... رواضعها صيد الملوك الجحاجح
جرت بالنمير العذب عشر بحارها ... وكلُّ بحار الأرض عذبٌ ومالح
فما للندى في آخر الدهر خاتم ... سواه ولا في أوّل الدهر فاتح
[فصل في الغزل]
قلت فيه هذه الأبيات:
برزت تحمل بالراح راحا ... فكست بهجة نور براحا
غادةٌ مجدولة تتثنّى ... مرحاً ريّا الشباب رداحا
ومهاة أبت الوصل لمّا ... رأت الشيب برأسي لاحا
قلت أنت الشمس تغرب ليلاً ... ويراها العالمون صباحا
فأجابت أنّني أنا بدر ... يأفل الصبح ويبدو رواحا
ثمّ قالت ما ترى الشهب عقداً ... فوق نحري والثريا وشاحا
قلت فوق الكشح ما جال إلاّ ... وأعار الطير قلبي الجناحا
[فصل في الإستغاثة]
قلت هذين البيتين مستغيثاً بالإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين بن علي (عليهما السلام) وهما:
ألا يا أباالسجّاد إنّ بوارقاً ... لسحب نداك العذب شمت التماحها
مخائل صدق منك بالنّجح بشّرت ... أمانيَّ نفس جئت أرجو نجاحا
[الباب السابع قافية الخاء]
[وفيها فصلان المديح والغزل]
أمّا المديح
فقلت فيه:
حمد الركب في حماك مناخه ... حيث ربّى طير الرجا أفراخه
يا أخا المكرمات كم من صريخ ... لبني الدهر قد أغثت صراخه
وبكم العطاء كم مسحت كفُّ ... ك عيناً بدمعها نضاخه
ما دعاك الأنام للخطب إلاّ ... وبنعليك قد وطأت صماخه
كم حمدنا نقاء كفّك جوداً ... عند كفٍّ نجلا ذممنا اتّساخه
ونسخنا فضل الكرام ومن قر ... آن علياك قد عرفنا انتساخه
قمت في ريق الشبيبة حتّى ... سدت في الدهر بالنهى أشياخه
غاض ماء الندى عن الوفد إلاّ ... من يديكم فما تغبُّ نقاخه
إنّ بين الندي وبينك عقداً ... أمنت وفدُ راحتيك انفساخه
إنّما أنتم فروع فخار ... كان قدماً آباؤكم أسناخه
حيث ثوب الرجاء ما رثَّ إلاّ ... وإليكم منه أجدَّ انسلاخه
هاك يابن الكرام بنت قريض ... شمخت أن ينيلها شماخه
وأمّا الغزل
قلت فيه:
يا لائمي وشهاب وجدي ثاقبٌ ... كيف العزاء وطود صبري ساخا