كم رمت وصلك مجهداً بوسيلة ... فقصصت لي المرتاش من أجناحي
وتركتني حيران أختبط الدجى ... لا أهتدي قصداً للحيّ اللاحي
ريم تدجّح مذرنا متمايلا ... تيهاً بلدن قناً وبيض صفاح
فاحذره إن هزَّ القوام فإنّما ... للطعن هزَّ مثقّف الأرماح
لطفت شمائله فكان بلطفها ... كالروح بل كالروح بل كالراح
ناحت عليَّ النائحات صوارخاً ... إن لم أفز من وصله بنجاح
سفحت عيوني مائها لنواظر ... تروي بفتكتها عن السفاح
كان الصبا للعشق أحسن موسم ... تربو بضاعته عَلَى الأرباح
إن تشج حائمة الحمام سواجعاً ... فلكم شجاها بالغوير مناحي
يا مرسل الأصداغ فوق خدوده ... عجباً سدلت الليل فوق صباح
وارشت من عينيك أقتل أسهم ... فتركت قلبي مثخناً بجراح
وقال السيّد:
أمحمّد الحسن الخصال أليةً ... بنداك لا بالعارض السفّاح
إنّي عشوت إليك عن كلّ الورى ... والشمس مغنية عن المصباح
وعقلت عيسى في ذراك معرّساً ... في ذروة الشرف الرحيب الساح
راحت إليه واغتدت بذميمها ... فأراحها من مغتدىً ورواح
ألقيت إقليدي إليه ولم أكن ... ألقي إلى أحد يد الممتاح
هذا آخر ما أردنا إثباته في هذا الكتاب ولنختم عليه حامدين الله مصلّين على رسوله محمّد خاتم المرسلين وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين.
تمّ طبعه على نسخة مخطوطة بيد مصنّفه - كانت تلك النسخة عند الشيخ العلاّمة الحاج محمّد حسن آل كبّه وهي المهداة له من المؤلّف - وقد أذن ولد المؤلّف الفاضل الكامل السيّد حسين للقائمين بطبعها إذناً مطلقةً بنشرها وطبعها خدمةً للأدب وحبّاً لنشر آثاره - وقد انتهى طبعه في شهر ربيع الثاني سنة ١٣٣٢ -.
[تذييل في ذكر بعض تقريظات الكتاب]
التقريظ الأوّل
ما أنشأه العلم العلاّمة، جوهرة الزمن، وغرّة وجهه الحسن، الفاضل الماجد المهدى إليه الكتاب، وهو هذه القطعة الشعر، بعد فقرات بديعة من النثر. قال أدام الله مجده.
هبّت تحيّيك بوادي السدير ... سارية الريح بنفح العبير
في روضة غنّاء غنّت بها ... بلابل السعد بيوم مطير
فقمت مرتاحاً إلى نشرها ... مقابلاً نفحتها بالزفير
فملت والقامة من فاتني ... نشوانة باللحظ دون العصير
فهي كغصن البان ميّاسة ... عهدي لروحي الروح عند الهجير
مهفهف الأعطاف غضّ الصبا ... عذب اللما حلو السجايا غرير
طاب به عيش الهنا مثلما ... طاب برو الفضل نشر العبير
مولىً روى العلياء عن حيدر ... حامي ذمار الجار والمستجير
وحاز في حلبة سبق النهى ... نهاية ما حازها ابن الأثير
وفاز بالقدح المعلّى كما ... شاء العلى فهو عليها أمير
أبهرنا في آية ضمّنت ... سحر النهى لا سحر طرف الغرير
فرقّ ديباج التهاني بها ... وشياً بصنعاء عديم النظير
وراق أبهاج المعالي بها ... حلياً بها الأبهاج غضٌّ نضير
فما امرؤ القيس على فضله ... إن قيس يوماً في نهاه الخطير
ولا أبوالطيب وإن طاب لي ... إلاّ حصىً قيس ببدر منير
وما الحريري وإن زانه ... نسج لئالي الفضل دون الحرير
[التقريظ الثاني]
ما تفضّل بإنشائه علم العلم الراسخ، وطود الشرف الشامخ، ينبوع السماحه، وفارس ميدان البلاغة والفصاحة، أبوالمعزّ سيّدنا السيّد محمّد نجل علاّمة العلماء معزّ الدين السيّد مهدي القزويني لا زال بدر سعده، مضيئاً في آفاق مجده. قال أيّده الله:
قسماً بجلالة منشيه ... وبآيات تليت فيه
وبناظم سمط فرائده ... ومفصّل عقد لئاليه
ومسوّد طرس صحائفه ... من بيض حسان معانيه
ومرصّع ناصع غرّته ... ومطرّزها بدراريه
ومشيّد ركن قواعده ... ومؤسّس سمت مبانيه
برياض الورد به ابتهجت ... لسقيط الطلّ بناديه
وبحمرة خدّ شقائقه ... وبياض ثغور أقاحيه
بسطور التبر لناظره ... وعقود الدرّ لرائيه
بشوارده وفرائده ... ومدائحه وتهانيه
هذا الفرقان وقد بلغت ... حدّ الإعجاز مثانيه