للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هو الحسن الندب من في الكمال ... أقرَّ الحسود له واعترف

تباري الصبا كرماً راحتاه ... وأخلاقه الغرُّ منها أشف

بني المصطفى من يباهيكم ... وأنتم نجوم سماء الشرف

حللتم من المجد أوساطه ... وغيركم منه حلّ الطرف

سبقتم إلى صهوات العلى ... فأعلى الورى خلفكم مرتدف

ثقال الحلوم فلو توزنون ... برضوى إذاً لرجحتم وخف

يقرُّ بعين العلى أن ترى ... بيوتكم للعلى مختلف

وإنّ عليهنّ طير السعود ... بأجنحة اليمن زهواً يرف

أهنّيكم بفتى ماجد ... حسان العلى فيه تبدي الشغف

غدا عرسه روضةً للهنا ... وزهر السرور بها يقتطف

به قد غفرنا ذنوب الزمان ... وقلنا عفا الله عمّا سلف

وبتنا على طرب نستطيب ... أرقَّ النشيد بنادي الشرف

نفضُّ ختام رحيق السرور ... ونرشف أعذب ما يرتشف

نعمّكم ونخصّ الجواد ... فيابورك الفرح المنتصف

ليهن بغرس هلال له ... ظلام الخطوب به ينكشف

جواد جرى سابقاً للندى ... وعن شأوه الدهر عجزا وقف

فيا أُسرة الفخر لا زلتم ... ببشر مدى الدهر لا ينصرف

[الفصل الثالث في الرثاء]

قلت في رثاء كريمة توفّيت لسيّد العلماء ورئيس المحققين والفضلاء علاّمة الزمن المهدي نجل الحسن أعلى الله كلمته ورفع درجته، وهذه ليست التي مرّت مرثيتنا لها في باب الهمزة، وإنّما تلك كريمته الصغرى وهذه كريمته الكبرى:

مالهم يا قبر قد جدّوا انصرافا ... بعدما قد دفنوا فيك العفافا

وحثوا منك على عين العلى ... تربةً تستافها الحور استيافا

نفضوا تربك والصبر معاً ... عن يد تمسك أكباداً لهافا

وردوا أمس ثقالاً بالجوى ... فبماذا صدروا اليوم خفافا

هل أعادوا معهم ما أخذوا ... من حشاشات تبقوها ضعافا

لا ومن قد طهر الماء بها ... مذ لها مطلقه صار مضافا

والتي راح الحيا ملتحفاً ... معها طاهر برديها التحافا

بل أعادوا جمرة الوجد إلى ... أضلع باتت إليها تتجافى

حجب القبر ابنة الوحي التي ... شرف الذكر بعلياها أنافا

من كريمات على الله لها ... ضرب العصمة خدراً وسجافا

لم تلد إلاّ الذي يسقي كلا ... ماتحي سجليه شهداً وذعافا

والتي ما مدّت العليا على ... مثلها يوماً لتخدير طرافا

ساقها الحتف ولكن بعدما ... شقّ من صدر الهدى عنها الشغافا

أبت العلياء إلاّ ردّها ... وأبى الموت بها إلاّ انصرافا

وعليها مسح المجد ضحى ... مقلة عمياء لا تدري الجفافا

أوحشت من أُمّ شبل غابة ... لو بها مرَّ أبو شبل لخافا

كعبة التخدير إلاّ أنّها ... خلقت للملأ الأعلى مطافا

دار قدس أودع الله بها ... خير أهل الأرض نسكاً وعفافا

قل لمن رام انحرافاً عنهم ... ضلّ من يبغي عن الحقّ انحرافا

سادة للرشد في مهديّهم ... جعل الله من الغيَّ انتصافا

كلّهم أبحر علم طفحت ... فاغترف من أيّهم شئت اغترافا

فضّلوا الخلق أكفّاً سحباً ... ترفع المحل وأخلاقاً سلافا

أسكرت في حبّهم حتّى العدى ... فهي الصهباء لطفاً وارتشافا

كرماء لقرى أضيافهم ... ينحرونالبدر لا البدن العجافا

آمنوا في الله من آمنه ... وأخافوا من له الله أخافا

يا ذوي الحلم وفيكم رقّة ... فقتم فيها حنوّاً وانعطافا

إنّما هزت قنا صبركم ... نكبة الدهر فزادتها ثقافا

وعلى زحف الليالي لا شكت ... أبداً أبيات علياكم زحافا

وقال عمّنا المهدي قدّس الله روحه في رثاء أخي الممدوح الماجد محمّد الرضا نوّر الله ضريحه:

قلبك خلف الطاعنين انصرفا ... ألحق الظعون أم تخلّفا

علمت فيمن لا يزال عاطفا ... عليه في حثّ السرى ما عطفا

وظلّ في صيخودة من حزنه ... تعسّف السير بها فضعفا

وعنه في جمانة المجد سرى ال ... موت للحد نورها فيه اختفى

والهفتا لدرّة المجد التي ... أمست لها ثرى اللحود صدفا

<<  <   >  >>