بل هذا النهج لحيدرة ... ودلائله ظهرت فيه
سطعت في الدهر مفاخره ... وشواهدهنَّ قوافيه
وسما شرفاً بمكارمه ... ورقى فخراً بمعاليه
وزكا نسباً وعلا حسباً ... بمآثره ومساعيه
بفضائله وفواضله ... أضحى لا حرَّ بواديه
حتّى قد عزَّ وجلَّ عن ... الأنداد فليس تدانيه
باهل عرب الإسلام به ... بأقاصيه وأدانيه
ومخضرمها ومولدها ... من حاضره أو باديه
وانشد أدباهر الدهر له ... من ذا في الدهر يدانيه
وانظر إن شئت له قلما ... بنبي عن قدرة باريه
واسمع نظماً يروي فضلاً ... لمصدره ومقفيه
وانشق من زهر حدائقه ... كالمسك تفوح غواليه
واقطف من روض محاسنه ... ورداً كخدود غوانيه
واسجد إن أنشد منشده ... بيتاً أو حدّث راويه
كسجود الذكر لسامعه ... قد عمّ الحكم وتاليه
[التقريظ الثالث]
ما أنشأه العلاّمة الأوحد المتفرّد في المعقول والمنقول، والفروع والأصول، فصيح قريش ومنطيقها، والمجلي في حلبة بلاغتها، سيّدنا السيّد حسين نجل العلاّمة المتقدّم ذكره السيّد مهدي القزويني. قال أدام الله عزّه:
أعقود تنضّدت من جمان ... أم رياض تفترُّ عن أقحوان
أم ورود ترفّ فاقتطفتها ... حدق الناظرين بالأجفان
أم عروس من صنعة الفكر جائت ... تتهادى مابين خمس بنان
أم شطور من الكمال سطور ... تتجلّى أم محكم الفرقان
يا نديميَّ قرّطاني نشيداً ... بأغانيه لا بلحن الأغاني
لعبت بالعقول غرّ معاني ... هـ كلعب الشمول بالإنسان
نفحنا أزهاره فانتشقنا ... من خزاماه نفحة الريحان
نسجت وشيه البلاغة فانصا ... ع وما للربيع فيه يدان
واجتنينا منه شقائق لكن ... أنفت نسبة إلى النعمان
غازلتنا عيونها فانثنينا ... وبنا صارف عن السلوان
وارتنا محاسنا عرفتنا ... أنّها صنع حيدري الزمان
من سما مفرق العلاء فجازت ... بمساعيه ذروتي كيوان
لاح فيى مطلع الكمال هلالاً ... أطلعته السراة من عدنان
قد براه الإله شخص كمال ... مفرداً جلَّ عن شبيه مداني
يا وحيد الزمان في كلّ فضل ... وفريداً من عالم الأكوان
لم تقم عن نظيره محصنات ... عقمت بعد أن تجيء بثاني
لك أمضي من السنان يراع ... ضاق ذرعاً به الحسام اليماني
ولك السائرات شرقاً وغرباً ... ببديعغ من لفظها والمعاني
لست أدري أذاك رائع شعر ... لاح لي أم قلايد العقيان
إنّ أقلامك التي تنفث الس ... حر حلالا إذا جرت في البيان
معجزات لو الكليم يراها ... ليس يرضى بآية الثعبان
فتراه والفكر يبتدران ... فهما فرقدان لا يبغيان
والقوافي بسيره سائرات ... ليس يحكي مسيرها النيران
تلك تجري لمستقرّ وهذي ... شرع سيرها بكلّ أوان
كلّ بكر عذراء لم تفترعها ... يد فكر ولا جرت في لسان
[التقريظ الرابع]
ما أنشاه أصدق أهل الفضل رويّه، وأصفاهم طويّه، وأملكهم لعنان الفصاحه، وأدلّهم على الصعب من المعاني كيف يروض جماحه، السيّد إبراهيم ابن السيّد حسين الطباطبائي وجدير بمن جدّه بحر العلوم، أن تراه أعلم أهل الفن بالتقاط درر المنثور والمنظوم. قال دام علاه:
هل الروض القشيب أعاد زهرا ... أو العذب الرطيب أعلَّ قطرا
أو الودق المفوف حاك برداً ... أو النوء المطرّز خاط طمرا
أو النور المكمّم باكرته ... بروق سحابة وطفاء غرّا
وهل هزّت صباً بالغور مهداً ... لطفل حواضن النوروز غيرى
على عذبات أوراق رقاق ... عقدن على الغصون الميد أزرا
مطارلف للربيع معضّدات ... ترفّ نواصعاً بيضاً وحمرا
هل الشفق المشعشع شفَّ لوناً ... أو الصبح استنار فشقَّ فجرا
بل الفقر الخوالد حبّرتها ... يد تستخدم الأقلام ثرّا
تسومها شوارد نازعات ... تلفُّ أباطحاً وتجوب وعرا
كأمثال الصلال بكلّ شعب ... نوافث بالسام تسور سورا