لعمري لأنت المرؤ أبكي لفقده ... إذا كثرت بالملحمين التلاتل
أبى لك ذمّ النّاس يا توب كلّما ... ذكرت أمورٌ محكماتٌ كوامل
أبى لك ذمّ النّاس يا توب كلّما ... ذكرت سماحٌ حين تأوى الأرامل
فلا يبعدنك الله يا توب إنّما ... لقيت حمام الموت والموت عاجل
ولا يبعدنك الله يا توب إنّما ... كذاك المنايا عاجلات وآجل
ولا يبعدنك الله يا توب والتقت ... عليك الغوادي المدجنات الهواطل
وعن مصعب بن عبد الله الزهري قال: تزوّج عمرو الغساني بنت عمّ للنعمان بن بشير الأنصاري وكلف كلّ واحد منهما بصاحبه، وكان مالك شجاعاً فاشترطت عليه أن لا يقاتل شفقة عليه وصابة به وأنّه غزا حيّاً من لخم وباشر القتال بنفسه فأصابته جراح فقال وهو مثقل:
ألا ليت شعري عن غزال تركته ... إذا ما أتاه مصرعي كيف يصنع
فلو أنّني كنت المؤخّر بعده ... لما برحت نفسي عليه تطلّع
ومكث يوماً وليلة ومات من جراحته، فلمّا وصل خبره إلى زوجته بكته سنة ثمّ اعتقل لسانها وامتنعت من الكلام وكثر خطّابها، فقال عمومتها وولاة أمرها: زوّجوها لعلّ لسانها ينطلق فإنّما هي النساء، فزوّجوها بعض ملوك القبائل، فساق إليها ألف بعير، فلمّا كانت الليلة التي أُهديت إليه فيها، قامت على باب القبّة فقالت:
يقول رجال زوّجوها لعلّها ... تقرّ وترضى بعده بخليل
فأيقنت في النفس التي ليس بعدها ... رجاء لهم والصدق أفضل قيل
وحدّثني أصحابه أنّ مالكاً ... أقام ونادى صحبه برحيل
وحدّثني أصحابه أنّ مالكاً ... ضروب بحدّ السيف غير فلول
وحدّثني أصحابه أنّ مالكاً ... جواد بما في الرحل غير بخيل
وحدّثني أصحابه أنّ مالكاً ... خفيف على الجدّات غير ثقيل
ثمّ شهقت شهقة فماتت.
وقال مهلهل ابن ربيعة يرثي أخاه كليباً:
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا طرد اليتيم من الجزور
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا ما ظيم جار المستجير
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا رجف العضات من الدبور
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا خرجت مخبأة الخدور
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا ما أعلنت نجوى الأُمور
على أن ليس عدلاً من كليب ... إذا خيف المخوف من الثغور
على أن ليس عدلاً من كليب ... غداة تلاتل الأمر الكبير
[الفصل الثاني في التهنئة]
قلت مهنّياً للماجد محمّد الصالح بزواج ولد الجواد محمّد وكان زعيم القبيلة:
أبشر فيك العلى والشرف ... وأهدي الى المجد أسنى التحف
وأنظم فيك لجيد الفخار ... لئال تفوق لئالي الصدف
وأجلو عليك بنادي السرور ... عروس الثنا بالتهاني تزف
أباالمصطفى أنت فخر الكرام ... وأكرم من بالفخار التحف
لك الله أكمل هذا السرور ... بعزٍّ عليك لواه يرف
ولا زلت في آلك الأكرمين ... ترى ما يقرُّ عيون الشرف
تروح على فرح فيهم ... وتغدو على فرح يؤتنف
جلا اليوم بشرك وجه الزمان ... فماء الغضارة فيه يشف
نظمت بأيّامك الصالحات ... شمل المكارم حتّى ائتلف
اقول لمن بات ينضي الركاب ... رويدك في السى لا تعتسف
إذا للإقامة فيه أتم ... أجدّ به نيّةً فاعتكف
وحي به من وبادر إلى ماجد بيته ... به للأكارم نعم الخلف
ترى علّة المكث للضيف فيه ... طيب القرى فهو لا ينصرف
أبي المصطفى ... ربيع العفاة إذا الضرع جف
أجل نظراً في مزايا علاه ... وفي قومه خلفاً عن سلف
تجد فيه كلّ صفات الكمال ... وفيهنّ عبد الكريم اتّصف
فتىً وكفت كرماً كفّه ... فعلمت الغيث حتّى وكف
ترى للمكارم والأكرمين ... في المصطفى المجد نشراً ولف
إذا بسط الكف يوم العطاء ... طوى كلّمن نشرته الصحف
له حلف الدهر أن لا يجيء ... بمثل وقد برَّ فيما حلف
وكيف يساجله الأكرمون ... وكلّهم من نداه اغترف
ولو شاء جارى بصغرى بنان ... أخيه من الأكرمين الأكف
وأبدى من الحسن المكرمات ... مزاياً جمعن حسان الظرف