لمّا انتضيتك للخطوب كفيتها ... والسيف لا يرضيك حتّى ينتضى
قد كان صوّح نبت كلّ قرارة ... حتّى تدوح في نداك وروّضا
أوردتني العدّ الخسيف وقد أرى ... أتبرّض الثمد البكيّ تبرّضا
وأمّا قصيدة البحتري فهذه:
ترك السواد للابسيه وبيّضا ... ونضى من الستّين عنه ما نضى
وشناه أغيد في تصرّف لحظه ... مرض أعلَّ به القلوب وأمرضا
إلى أن يقول:
قعقعت للبخلاء أذعر جاشهم ... ونذيرة من فاصل أن ينتقضى
وكفاك من حنش الصريم تهدّداً ... إن مدَّ فضل لسانه أو نضنضا
لا تنكرن من جار بيتك إن طوى ... أطناب جانب بيته أو قوّضا
فالأرض واسعة لنقلة راغب ... عمّن تنقّل ودّه وتنقّضا
لا تهتبل أغضاي أمّا كنت قد ... أغضيت مشتملاً على جمر الغضا
لست الذي إن عارضته ملمّة ... أصغى إلى حكم الزمان وفوّضا
لا يستفزّني الطفيف ولا أرى ... تبعاً لبارق خلّب إن أومضا
أنا من أحبّ تحرّياً وكأنّني ... فيما أعاين منك ممّن أبغضا
أغببت صيبك كي يجمّ وإنّما ... غمد الحسام المشرفي لينتضى
وسكتُّ إلاّ أنّ أعرض قائلاً ... نزراً وصرّح جهده من عرّضا
[الفصل الثاني في التهنية]
قلت مهنّياً أخاه الماجد محمّد الرضا المترجم في أوّل الأبواب بختان ولديه عبد الحسين وعبد العزيز، وذلك حيث قلت:
صبح الهنا اليوم تجلّى أبيضا ... وبالمنى ربع التهاني روّضا
فقم إلى كاس التهاني فاصطبح ... فيها بناد بسنا البشر أضا
فإنّ هذي فرحة من قبلها ... لمثلها الزمان ما تعرّضا
من لم يكن يأخذ منها حظّه ... فليت شعري ما الذي تعوّضا
وكيف لا يدخل في كلّ حشاً ... منها سرورٌ سرَّ أحشاء الرضا
أسخى الورى الناهض من ثقل الندى ... بما به كلّ الورى لن تنهضا
ذاك الذي من كرم النفس يرى ... ندب صلات وفده مفترضا
ذاك الذي كلتا يديه رهمة ... ربعيّة بها المنى قد روّضا
ذاك الذي للمستنين جوده ... رقىً إذا صلُّ الجدوب نضنضا
له سجاياً من أبيه حسنت ... وبسط كفّ في الندى ما انقبضا
وغرّة من لمعها تحت الدجى ... أعارت البرق السنا فأومضا
يصرّح البشر لها للمجتدي ... بالنجح قبل أن يرى معرّضا
أحبب بدهر جلب البشرى له ... وكان قبل جلبها مبغّضا
إذ في ختان قرّتي عين العلى ... سرَّ الأنام أسوداً وأبيضا
طاب الهنا فيه لهم فياله ... قطعاً به وصل الهنا تقيّضا
واليوم في ختان كلّ أرّخوا ... بالزهو قد حوى محمّد الرضا
[الباب السادس عشر في قافية الطاء]
[وفيها فصل في المديح]
قلت في مدحه:
ليس إلاّ إليك للعيس ينشط ... كلُّ رحل إلى حماك يحط
يا أخا المكرمات حسبك فخراً ... أنّها حين تعتزي لك رهط
لك خلق به الرضا لمحبّ ... ولذي البغض والقلى فيه سخط
بشّروا يا بني الرجاء الأماني ... بابن علياء كفّه الجعد سبط
وأنزلوا حيث لا تمدُّ الليالي ... يد خطبوحيث لا الدهر يسطو
في حمىً ليس يرفع الطرف فيه ... رهبةً أشوسٌ ولا الليث يخطو
حرم آمن مهابته ستر ... على من به استجار يلطّ
رجع الدهر لاقتبال صباه ... بعد ما قد علاه للشيب وخط
بفتى أصبحت مناقبه الغرّ ... على جبهة الزمان تخط
يقبض المال لا لغير العطايا ... فالندى في يديه قبض وبسط
لو رأينا الجوزاء تحكي مزاياه ... لقلنا لدرّها أنت سمط
والثريّا قد داسها فلهذا ... لم نقل أنّها لعلياه قرط
أقول: قولي: ليس إلاّ إليك للعيس نشط، الأُنشوطة عقدة واهية يسهل انحلالها كالتكّة، فيقال في المثل: ما عقالك بأُنشوطة، معناه: ما مودّتك بواهية. ويقال في المثل أيضاً: كأنّما أنشط من عقال، أي حلّ من عقال، فالأوّل من نشطت الحبل أنشطه نشطاً عقدته أُنشوطة، والثاني من أنشطته أي حللته. والإنتشاط مدّ الحبل حتّى ينحلّ، ومنه قول مهيار:
قم فانتشطها حسبها أن تعقلا ... ودع لها أيديها والأرجلا