للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أبناء مجد نشأوا سحائباً ... سقى الإله خلقه عهّادها

بيض المساعي ومساعي غيرهم ... بيضٌ وصفرٌ أحسنوا انتقادها

عقدت أطناب العلى وابتدروا ... يرفع كلّ منهم عمادها

وغيرهم يهدم علياه التي ... سعى أبوه قبله فشادها

قومٌ إذا شبّ ابن مجد منهم ... ألقت لكفّيه العلى قيّادها

أو زوّجوه فبأخت شرف ... يحكي طريف مجدها تلادها

لولم تجد منه المعالي كفوها ... لم ترض إلاّ في الخبا انفرادها

يا من يروم بأبيه هضبهم ... ونفسه قد سكنت وهادها

خلفك والفخر بنار ذهبت ... بضوئها وخلّفت رمادها

بني العلى دونكموها غادةً ... عذراء قد أصفتكم ودادها

جلّت بكم قدراً فما أنشدتها ... إلاّ ازدهت جبريل فاستعادها

[فصل في الرثاء]

قلت في رثاء المهدي خلف الخلف الصالح وقد توفي في بلاد فارس وجيء بنعشه ليدفن في النجف:

أغارء دمعك أم منجد ... قد رحل الصبر ولا منجد

يا رابط الأحشاء في راحة ... قد نضجت بالجمر ما تقصد

لا تلتمس قلبك في جذوة ... ما بقيت منك عليها يد

أخلت يبقى لك قلب على ... فاغرة الوجد ولا يفقد

وإنّ قلباً تحت أنيابها ... طاح شظايا كيف لا يزرد

حسبك منها زفرة لو غدت ... في جلمد منها نزا الجلمد

كم هزَّ أظلاعك من فوقها ... حتّى تلاقين جوىً مكمد

فساقطت منك الحشا أدمعاً ... حمراً على ذوب الحشا تشهد

لو تعلم الأيّام ماذا جنت ... إذاً لودّت أنّها تنفد

لقد أحلت بكرّ رزء لها ... في كلّ قلب مأتم يعقد

إذ كوّرت شمساًبنوا المصطفى ... فيها ترجّوا أفقهم يسعد

الله يا دهر أبينا هم ... في زهو بشرى للعدى تكمد

إذ يرد الناهي إليهم بأن ... جاء ابن نعش ذلك الفرقد

فيغتدي ذاك الهنا حنّة ... فرائص الدنيا لها ترعد

نعشٌ أُتي يُحْمَلُ فيه النهى ... ميتاً عليه يندب السؤدد

وخلفه العلياء في صرخة ... تدعو إلى أين به يقصد

يا حاملي إنسان عيني قفوا ... نشدتكم بالله لا تبعدوا

دعوه لي حسبي لتجهيزه ... عيني عليه طرفها أرمد

دموعها الغسل وأكفانه ... البياض والجفن له ملحد

غدرت يا دهر ومنك الوفا ... لا العذر بالأمجاد مستبعد

فاذهب ذميماً إنّها غدرة ... وجهك ما عشت بها أسود

مالك بالسوء لأهل الحجى ... وردت لا طاب لك المورد

يا ناهداً بالشرّ من جهله ... تعلم بالشرّ لمن تنهد

وطارقاً بيت ندىً يتقي ... ببابه المتهم والمنجد

فمقعداه للتقى والندى ... وحاجباه العزّ والسؤدد

ألم تجده حرمناً آمناً ... يحجّه الأبيض والأسود

فكيف تسعى فيه لا محرماً ... كأنّما أنت به ملحد

ما هو إلاّ بيت فخر له ... قبيلة المعروف قد شيّدوا

بيت أبوالندب الرضى ربّه ... أكرم من تحت السما يقصد

مولىً درت أهل العلى أنّه ... دون الأنام العلم المفرد

وأنّه لولا ندى كفّه ... لم يرَ لا رفدٌ ولا مرفد

تلقاه طلق الوجه في هيبة ... يفرق منها الأسد الملبد

محبّب من حسن أخلاقه ... حتّى إلى من مجده يحسد

ما سهرت من خائف مقلةٌ ... إلاّ وبالأمن لها يرقد

يا أُسرة المعروف لا نابكم ... من بعد هذا الرزء ما يكمد

وهذه النكبة مع أنّها ... فيها ثواب الصبر لا ينفد

لا يحمد الصبر على مثلها ... لكنّه من مثلكم يحمد

وقال عمّنا المهدي يرثي الرضا نجل مصباح الشرف الواضح الماجد الصالح ويعزّيه به:

لا تلمني لم تجد ما أجد ... نابني ما عزَّ فيه الجلد

كفَّ عنّي إنّ منّي بغتةً ... حطم الظهر وشلَّ العضد

سلَّ من عينيَّ إنسانهما ... وانطوى في اللحد منّي الكبد

قد أراني الدهر مالم يره ... من عظيمات الرزايا أحد

ذهبت أيدي الليالي بالذي ... هو لي لو حارب الدهر يد

كنت أنشي للرضا مدحاً فيا ... حزني اليوم رثاه أنشد

عبجاً كيف لساني ناطق ... وهو في شطن الأسى منعقد

<<  <   >  >>