للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن فخرت حيث راعي الهجان ... على نحره خيرهنَّ انتخب

على أنّ راعيها قد بكى ... على ذعلب كونها تحتلب

فموقده ودً حوبائه ... لنار القرى أن تكون الحطب

وليس التي هي بين الورى ... لإظهار ما صنعته تحب

كمَنْ لصنايعه الباهرات ... يرى سترهنَّ عليه يجب

فيكتمها وهي تبدو كما ... بدت في الدجى زاهرات الشهب

وقال أيضاً وينحو فيها تفضيله على ملوك الحضر:

أمَنْ تدخل الوفد من بابه ... ولم تخش دفعة بوّابه

كمَنْ قد تعمّد في سدّه ... عن الوافدين بحجّابه

ومَنْ فرحاً يلتقي الوافدين ... التقاء محب لأحبابه

ويغمره من نداه بما ... يفوت السحاب بتسكابه

كمنْ عن عطاياه أضحى يذبّ ... بغرب اللسان وقرضابه

وصيّر من دونها أرقم ال ... منايا يصرُّ بأنيابه

أَمَنْ دون أمواله عرضه ... تراه مباحاً لنهّابه

وغادر ألسنَ أعدائه ... ثناها كألسن أحبابه

وخير الورى من بأمواله ... يصون كرائم أحسابه

سل الفخر إن شئت عن بيته ... يقل لك إنّي أدرى به

لقد ودّت الشهب أن تغتدي ... مدى الدهر أوتاد أطنابه

فما ابتهر الناس في غيره ... ولا زهت الأرض إلاّ به

[فصل في التهنية]

قلت: وكتبت بها للماجد الصالح مهنياً له بزواج ولده المصطفى:

جائتك تبسّم والبنان نقابها ... فأرتك بدراً بالهلال منقّبا

وكأنّما هي حين زفّت كأسها ... شمسٌ تزفُّ من المدامة كوكبا

عقدت على الوسط النطاق مفوَّقاً ... ولوت على الخصر الوشاح مذهّبا

أحبب إليك بها عشيقة مغرم ... راض العواذل شوقه فتصعّبا

هي تلك لاعبة العشاء ومنْ لها ... ألفت بنات الشوق قلبك ملعبا

أمسيت منها ناعماً بغريرة ... بنسيم ربّاها تعطّرت الصبا

ونديمة لك لو تغنّى باسمها ... حجرٌ لرقّصه غناها مطربا

سكبت بكاس حديثها من لفظها ... راحاً ألذَّ من المدام وأعذبا

وترنّمت هزجاً فأطرب لحنها ... قمريَّ مائسة الأراك فطرّبا

فكأنّها علمت بعرس المصطفى ... فشدت غناً لابن الأراكة أطربا

في ليلة طابت فساعة أنسها ... لم تلق عمر الدهر منها أطيبا

وفد السرور بها لمغنى أصيد ... كرماً يُحيّي الوافدين مرحّبا

للكرخ ناعمة الهبوب تحمّلي ... منّي سلاماً من نسيمك أطيبا

وصلي إلى بيت قد انتجع الورى ... منه جناباً بالمكارم معشبا

بيت على الزوراء يقطر نعمة ... فكأنّه بالغيث كان مطنّبا

قولي إذا حيّيت فيه أبا الرضا ... فسواك منه هيبةً لن يقربا

بشراك بسّام العشيّ بفرحة ... ضحكت بها الدنيا إليك تطرّبا

وجلاً عليك اليمن فيها طلعةً ... غرّاء طالع سعدها لن يغربا

فاسعد بقرّة ناظريك فقد غدا ... في عرسه المجد الأثيل معجّبا

أمقيل من لبس الهجير تغرّبا ... ومعرّس السارين تنزع لغّبا

عجباً لهذا الدهر يصحب بخله ... ولجود كفّك ليس يبرح مصحبا

وترى جبينك كيف يشرق للندى ... كرماً ويغدو الوجه منه مقطّبا

أرحبت للأضياف دارة جفنة ... من دارة القمر الوسيعة أرحبا

وحملت عبأ بني الزمان ولو به ... يعني أبوهم لاستقالك متعبا

وأما ومجدك حلفة لو لم يكن ... للعالمين سجال جودك مشربا

نزف اغترافهم البحار وبعدها ... ترك اعتصارهم الغمائم خلّبا

فمتى تقوم بحارها وقطارها ... لهم مقامك ما جرت وتصبّبا

يفدي أناملك الرطيبة معجب ... في يبس أنمله بعذلك أسهبا

لو مسَّ وجه الأرض يبس بنانه ... لرأيته حتّى القيامة مجدبا

عذبت مذاقة "لا" بفيه لبخله ... وبفيك طعم "نعم" غدا مستعذبا

فازادد حتّى في معيشة نفسه ... ضيقاً وللوفّاد زدت ترحّبا

تسع الزمان بجود كفّك باسماً ... ويضيق صدر الدهر منك مقطّبا

لو رعت مهجة قلبه وزحمته ... لفطرتها وحطمت منه المنكبا

ولقد جريت إلى العلاء بهمّة ... لم ترضَ عالية المجرّة منكبا

<<  <   >  >>