إلاّ وقتك حشا العافين صائنة ... ولا وقاء إذا رامي القضاء رمى
وهل توفيك شكر المنعمين وقد ... طوقت حيّاً وميتاً جيدها نعما
بالأمس وجهك تستسقى الغمام به ... واليوم قبرك تستسقى به الديما
يا غائباً ما جرت في القلب ذكرته ... إلاّ ترقرق دمع العين وانسجما
لا غرو إن يعقد الإسلام حوزته ... جميعها مأتماً يوري الحشا ضرما
فالثاكل الدين والمثكول شخصك وال ... ناعي الهدى والمعزّى خاتم العلما
محمّد حسنٌ نظم الثناء له ... فقلَّ في سلك تقواه من انتظما
سقت ضريحك من جدواك واكفة ... وطفاء ترضع داراً ما الحيا فطما
أُعيذ قلبك أن يهفو به حذر ... على المكارم أو يغدو لها وجما
طب في ثرى الأرض نفساً لا النديُّ خلا ... من الوفود ولا عهد الندى انصرما
وأنت يا حرم المجد المنيف علىً ... لا راعك الدهر واسلم للعلى حرما
إن يوحشنّك ما من بدرك انكتما ... فليؤنسنّك من نجميه ما نجما
لولا ابنه المصطفى للجود قلت شكت ... من بعد إنسانها عين الرجاء عمى
ندب به فتح المعروف ثانيةً ... من بعد ما بابيه أوّلاً ختما
من يلقه قال هذا في شمائله ... محمّد صالحٌ إن يغتدي علما
حلو الخلائق في جيل لهم خلق ... لو مازج الكوثر الخلديّ ما طعما
المشتري الحمد والأشراف أكسبها ... لجوهر الحمد أغلاها به قيما
لو قال قوم نرى في الجود مشبهه ... لقلت هاتوا وعدّوا العرب والعجما
أستغفر الله إن شبّهت أنمله ... بالقطر منسجماً والبحر ملتطما
نعم حكاه أخوه من به ظهرت ... مخائل من أبيه تفضح الديما
محمّد وكفى أنّ الزمان لنا ... عن منظر حسن منه قد ابتسما
إذا بدا سمت الألحاظ ترمقه ... تخاله بهلال العيد ملتثما
من لفظه العذب إن شئت ألتقط درراً ... أو فاقتطف زهراً أو فاقتبس حكما
فاهتف بمن مات من الأهل العلاء وقل ... لولا الردى لافتضحتم فاشكروا الرجما
أمات نشرُ مساعيه مساعيكم ... حتّى انطوت مثلكم تحت الثرى رمما
فلو رآه زهيرٌ في شبيبته ... إذاً لفداه واختار الفدى هرما
من دوحة ما نمت إلاّ غصون علىً ... وكلّ غصن بماء المكرمات نما
يا أسرة المجد لا زلتم بأسركم ... عقداً على نحر هذا الدهر منتظما
صبراً بني الحلم إنّ الصبر منزلة ... حتّى لمن منكم لم يبلغوا الحلما
وحسبكم مصطفى العلياء فهو لكم ... نعم الزعيم به شمل العلى التئما
[الفصل الرابع في الإعتذار]
قال عمّنا المهدي من قصيدة في عاب الحاج محمّد صالح كبّه أوّلها:
نهضت تحمل عذراً وسلاما ... منهما تسقيك شهداً ومداما
يقول فيها ويذكر رسالة عتب أرسلها معها:
بليت في سيرها حتّى اغتدت ... لم تجد من تلكم البلوى عصاما
من ألوك صحبتها حملت ... من غليظ القول للعتب كلاما
تأكل البيداء في أرجلها ... وتلفُّ الأرض سهلاً وأكاما
منها في المدح:
ملك دون علاه زحل ... ومن الآمل يدنو حيث قاما
كفّه أجرت ينابيع الندى ... وعليها ازدحم النّاس ازدحاما
ما عسى أثني على من عبده ... كان في وجنة هذا الدهر شاما
إلى أن يقول:
يا جواداً لو غوادي كفّه ... مطرت بحراً به العالم عاما
ظنّ برق السحب منها خلّباً ... وغوادي كفّه عادت جهاما
مالما أسديته من نائل ... طرف شكري عنه أمسى يتعامى
لست ممّن يكفر النعمى سوى ... أنّ نفسي أنفت من أن تضاما
ولئن منّي ألوكٌ نقلت ... لك من ألحان أقوالي كلاما
وبها لمتك لا أنّي أرى ... حسناً فيما جنوه أن تلاما
إن رموا سيراً بسهم لم يصب ... فبهم أنشبت إعلاناً سهاما
ولهم من مقولي صلّ نقىً ... لم يروا منه رقىً إلاّ الحماما
ولك اقتصَّ لساني منهم ... وأراهم قوله حرباً عقاما
وجلا من غارة القول التي ... أجلبوها عنك لا عنّي القتاما
حيث أنّ النّاس لامتك ومذ ... قد كشف الأمر قالت لا ملاما