أيماض برق أم ثغور ... في ضمنها نطف الخمور
حلب الغمام رضابها ... وحديثها حلب العصير
لمّا نشرن لها حدي ... ث الوصل كالروض النضير
ساقطن عن برد تنظّ ... م رائق الدرّ النثير
سقياً لليلة لهونا ... في ذلك الرشأ الغرير
والكأس دائرة عَلَيّ ... تعينها عين المدير
فمفاصلي وجفونه ال ... وسنى سواء في الفتور
نشوات سكر أمكنت ... ني من محالات الأُمور
لو يعتفيني عندها ... ربّ الشويهة والبعير
لوهبت من طربي له ... ربّ الخورنق والسدير
الآن دع يا سعد قا ... صرة الغواني للقصور
وانهض لبشرىً طبّق ال ... دنيا بها صوت البشير
بشفاء من عبرت معا ... ليه على الشعرى العبور
مولىً غدت بشفائه ... الأيّام باسمة الثغور
عبق بعطفيه عبير ال ... مجد لا عبق العبير
تقف المكرم عنده ... وتسير حيث يقول سيري
وإذا نظرت إلى الزما ... ن بعين منتقد بصير
لم تلفه إلاّ صحي ... فة مأثرات بني الدهور
وسوى مآثره الجمي ... لة ليس فيها من سطور
تغنيه أوّل نظرة ... في الرأي عن نظر المشير
ويرى بعين وروده ... في الأمر عاقبة الصدور
تغذو حلوبة جوده ال ... عافين بالدَرّ الغزير
يتشطّرن ضروعها ... لا بالثلوث ولا الشطور
زرعوا رجائهم بجا ... نب جوده العذب النمير
فنمى ورفَّ عليه مث ... ل النبت رفَّ على الغدير
لولا نضارة ولده ... لحلفت عزَّ على النضير
إذ من بهاه بهائهم ... وكذا الشعاع من المنير
أوما ترى للبد ما ... للشمس من شرف ونور
يا معشراً لولاهم ... أضحى السماح بلا عشير
قرّت عيونكم بصحّ ... ة صفوة الشرف الخطير
وهناكم المنشور من ... هذا السرور إلى النشور
ولمّا قدم أخوه المصطفى من زيارة الإمام عليّ بن موسى الرضا سلام الله عليه نظمت في تهنئته هذه القصيدة:
طرب الدهر فاستهلّ منيرا ... يملأ الكون بهجة وسرورا
وسرت نفحة من البشر فيه ... ضمخت خيمة السماء عبيرا
عدن أوقاته رقاق الحواشي ... لك تهدي بشاشةً وحبورا
كلّ وقت يمرّ منها تراه ... بارد الظل طيّباً مستنيرا
فكأنّ الهجير كان أصيلاً ... وكأنّ العشيّ كان بكورا
بوركت من صبيحة في ضحاها ... وفد اليمن بالسعود بشيرا
وإلى طلعة جلّت كلَّ غم ... ببنان الإقبال أضحى مشيرا
فتأمّل عقود هذي التهاني ... كيف زانت به الليالي النحورا
طاب نشر الأفراح في بشر قوم ... لهم الفضل أوّلاً وأخيرا
شرعٌ في العلى وغير عجيب ... فلها رشح الكبير الصغيرا
معهم يولد النهى فترى اليا ... فع كهلاً والكهل شيخاً كبيرا
خاطروا في العلى فناهيك فيهم ... شرفاً باذخاً ومجداً خطيرا
منهم يستضاء شرقاً وغرباً ... بوجوه تكسوا الكواكب نورا
فمع الشمس يشرقون شموساً ... ومع البدر يشرفون بدورا
أيّها العصر لا أرى لك مثلاً ... زانك المصطفى فباهي العصورا
قبله هل مسحت غرّة صبح ... من لثام الأسفار أبدت سفورا
شخصت نحوه العيون ولكن ... عاد بعضٌ يقذي وبعضٌ قريرا
فبعين شعاعه كان ناراً ... وبعين شعاعه كان نورا
بلّغته الرضا عزيمة نفس ... كبرت أن ترى الخطير خطيرا
كم طوى البيد باسطاً كفّ جود ... نشرت ميّت الندى المقبورا
واستقلّ البحور جوداً فأجرى ... من أسارير راحتيه بحورا
ما نحا بلدة بمسراه إلاّ ... وأبت نحو غيرها أن يسيرا
وإذا ذكره أطاف بأخرى ... كاد شوقاً فؤادها أن يطيرا
فأتى مشهداً لمن طاف فيه ... قد أعدّ الإله أجراً كبيرا
فيه لطف الله الذي من يزره ... زار في عرشه اللطيف الخبيرا
وانثنى راجعاً بأحشاء قوم ... معه سافرات وعفن الصدورا
زار بغداد من بها ركز اليو ... م لواء المفاخر المنشورا
راقها منه طالعاً بدر مجد ... لا رأت للغروب فيه نذيرا