يافع تحسب منه حزمه ... حزم من قد أكمل الدهر بعمره
يتلقّى الوفد في وجه يرى ال ... وفد ما يأمله منه ببشره
باذلاً في بيت علياك له ... من صفايا ماله خالص تبره
وهو فيه وأخوه المصطفى ... مثلما قمت به قاما بأمره
إلى أن يقول في التعزية:
يا عقوداً للمعالي نظمت ... من لئالي الشرف المحض ودرّه
لا عراكم بعد هذا الخطب رزء ... ما ثبير قد رسى في مستقرّه
وقال عمّنا المهدي أيضاً في رثاء جعفر بن محمّد الرضا وكان سقط من أعلى السطح فمات، وقد تقدّمت مرثيتي له في قافية الحاء معزّياً أباه الرضا وجدّه الصالح:
حسب الدهر قد أصاب صغيراً ... فرآه في العالمين كبيرا
ويله هل سواه شبل هصور ... لفّ في البرد منه ليثاً هصورا
أو هلال قبل التمام سواه ... قد بدا للأنام بدراً منيرا
إنّ آبائه أعدّته كنزاً ... لهم في سنيهم مذخورا
وهي لو أن تحظّى به لأراها ... من أسارير راحتيه البحورا
عجباً في حمى أبيه دهاه ... قدر وهو يدفع المقدورا
فعلى شبله الغضنفر أنّى ... يغتدي في عرينه مقهورا
كيف نال الزمان فرع علاء ... كان عنه باع الزمان قصيرا
فتردّى من أوجه ساقطاً في ... الأرض ذاو وكان غضّاً نضيرا
ليت شعري ما كان جعفر موسى ... ولو أن كان مرتقاه الطورا
كيف قد خرَّ من رفيع علاه ... صعقاً في ابتلائه مسرورا
لهف نفسي لكوكب ما رأى النا ... س له في سما العلاء نظيرا
وصغير قد حيّر الفكر في أخ ... لاقه كيف لو يكون كبيرا
قد رأينا مخائلاً منه لو يب ... قى رأينا اليسير منها خطيرا
بينما نحن نرتجي أن نرى في ... مقبلات الأيّام منها بشيرا
ونعدُّ الأيّام يوماً فيوماً ... فنراها من طولهنّ شهورا
إذ دهتنا سوداء في فقده قد ... سلبتنا إنسانها والنورا
ما لذي الحادثات قد أبدلتنا ... بالهنا فيه عبرةً وزفيرا
وأعادت منّا التهاني مراث ... لفظها يوقد القلوب سعيرا
ما لساني فيها تأخّر عيّاً ... ومتى أعيت القوافي جريرا
إنّه قد رأى المصاب جليلاً ... ولأمر قد لاحظ التأخيرا
ولعمريى محمّد صالح إن ... يغتدي الذنب عنده مغفورا
ماجد إن نظرت شأو علاه ... رجع الطرف عن علاه حسيرا
واحد ماله من الناس كفوٌ ... فيساويه في العلى تصديرا
ذو لسان يوم الخصام يراه ال ... تخصم في نحره حساماً طريرا
وإذا في الجدال أشكل أمر ... قد رأى حلّه الحصيف عسيرا
فهو قبل الإصدار إن أورد الرأ ... ي رأى في المغيّبات الأُمورا
غمز الدهر حلمه فانثنى الده ... ر سفاهاً في حلمه مغرورا
فغدا مسخطاً رضاه بعقد ... منه قد ردّ نظمه منثورا
وهو قد أسبغت يداه عليه ... نعماً لم دا بهنّ كفورا
ولكم من أبناه أحيى كبيرا ... بالندى لم أمات منه صغيرا
ابني الأنجم الزواهر أنتم ... يلتقي الخطب طفلكم مسرورا
وفتاكم لكلّ أمر عظيم ... ما يراه في الله إلاّ حقيرا
بدّل الله حزنكم فرحةَ ما ... دامت الأرض للورى وسرورا
وكتب عمّنا المذكور رسالةً إلى الفاضل الصالح محمّد يعزّيه عن ولد صغير له توفّي قبل فطامه وشفّعها بقصيدة فريدة أثبتها هنا، وبها يعلم أنّه هو المجلي في هذه المحلبة التي قلّما جرى فيها فارس من فرسان القريض، ولم يكبّ به الطرف، ويهوي إلى حيث لا يبصره الطرف، وهذه القصيدة:
جهلت فقالت مات وهو صغير ... وصغير أبناه الكرام كبير
كالعين أصغر ما بها إنسانها ... وإلى السماء يكون منه النور
أيضرّه صغرٌ وفيه شارةٌ ... للناظرين إلى علاه تشير؟
أنظر مخائله فها هي بشّرت ... أن ما له بين الأنام نظير
هو كالهلال إذا استتمّ كماله ... فسناه في أُفق السماء منير
ويعمُّ أهل الأرض نور ضيائه ... وعليه أبناء السبيل تسير
من عطفه للخفر عند رضاعه ... قد ضاع للشعرى العبور عبير
أوما درت شبل الهصور يعود إن ... أخطاه صرف الدهر وهو هصور