لمّا ورد أخوه المصطفى إلى الحلّة الفيحاء مع قطب دائرة الولاية المنصور المؤيّد "عاكف باشا" ونزلا دار رئيس علمائها وزعيم فضلائها السيّد مهدي القزويني دام علاه، فكتب المصطفى بيتين قالهما على لسانه ارتجالاً علم العلم المشهور السيّد محمّد بن السيّد مهدي المذكور وأرسلها إلى أخيه مع البرق "التلغراف" وهما:
ببابل طاب عيشي ... مابين روض أنيق
فصرت نعمان دهري ... لو أنّ عندي شقيقي
فأجابه الجناب الحاج محمّد حسن في الحال على سبيل الإرتجال وأرسلهما إليه في التلغراف وفيهما التورية:
رصافتي رصفتها ... مدامعي بالعقيق
بها صبغت الأفاحي ... لكي تريني شقيقي
فأجابه جناب السيّد المذكور عن لسان جناب الحاج مصطفى أيضاً وذلك في التلغراف أيضاً وفيها التضمين:
لقد سحرتني بابل فاستمالني ... هواها عن الزوراء من حيث لا أدري
ولو لم يكن فيها هجرت لأجلها ... "عيون المها بين الرصافة والجسر"
فأجابه الحاج محمّد حسن في الحال بلسان البرق "التلغراف":
أتسحر مثل المصطفى أرض بابل ... وإن حلَّ فيها ثالث الشمس والبدر
وهذي عصا موسى أخيه بكفّه ... ترآئت فما أبقت لبابل من سحر
وكتب أيضاً إلى أخيه المذكور هذين البيتين بالتلغراف جواباً عن تلغراف كتبه إليه:
وافت الوكة سيّد شفت كما ... شفّ النسيم وخلقه والماء
تحكي هلال العيد عن متيّم ... هو والتصبّر واصلٌ والراء
ولمّا وصل جناب الحاج مصطفى إلى بغداد بعث إلى الحلّة للشريف أبي موسى الميرزا جعفر نجل علاّمة العلماء السيّد مهدي القزويني الحسيني هذين البيتين وأرسلهما مع البرق والإنشاء لأخيه الحسن:
لم أنس عهد مغان فيك مزهزة ... قد أنستني فأنستني بك الوطنا
فما تجاوزت ميلاً عنك مرتحلاً ... حتّى اكتحلت بسهد يطرد الوسنا
فأجابه الميرزا المذكور برقياً أيضاً وفيها التورية باسمه واسم أخيه جناب الحاج محمّد حسن وهما:
على محاني بابل ... من بعد مسراك العفا
ياحسناً في فعله ... أنت لقلبي مصطفى
وكتب حرسه الله إلى علم العلم والفضل السيّد سلمان نقيب الأشراف وأرسلها على لسان البرق "التلغراف" وهو إذ ذاك في دمشق الشام متوجّهاًً إلى وطنه دارالسلام:
ما زلت تولي أولياك الهنا ... بعزمة ترغم حسّادك
مرتقياً في كلّ آن علىً ... عَلَى السهى ترفع بغدادك
وكتب أيّده الله وأعزّ علياه بهذه الرسالة إلى حضرة السيّد عبد الرحمن أفندي نجل المرحوم نقيب الأشراف السيّد علي الأفندي تغمّده الله برضوانه وكان قد أراد كتاب نهج البلاغة ومقصورة السيّد الرضي في رثا الحسين عليه السلام وكلّف بذلك حضرة الحاج مصطفى فأرسلهما إليه وكتب معهما جناب الحاج محمّد حسن عن لسانه:
ريحانة المجد المؤثّل من رأت ... عين المكارم أنّه إنسانها
شرفاً أخوك من النقابة سيفها ... الماضي وأنت لدى الخصام لسانها
نور حدقة الشرف الباذخ، ونور حديقة العلم الراسخ، من انتهج من البلاغة نهجها القويم، وتسنّم من النجابة برجها الكريم، سلالة النسب القصير، وغرّة الحسب الواضح المستنير، الذي تعطّرت العلياء بارج فخره الندي، السيّد عبد الرحمن أفندي، مدّ الله عليه رواق العزّ والتخليد، وأضفى جلالبيب الإقبال والتأبيد.
أمّا بعد؛ فقد سيّرنا إليك ما أمرت به من النهج الواضح، والمقصورة في خيام الأحزان المشجيه في ذلك المصاب الفادح، امتثالاً لأمرك، وطوعاً لإرادتك، والسلام.
وممّا قاله دام مجده في مدح الشريف العلوي السيّد محمّد سعيد النجفي الملقّب بحبّوبي:
لعبت للطلا به نشوات ... فتثنّى واحمرّت الوجنات
طعنتني أعطافه الميد لمّا ... فتكت بي ألحاظه الفاترات
غير بدع إذا أصاب فؤادي ... إنّما أسهم الهوى صائبات
تلك في معرك الغرام علينا ... مشرعا وهذه ماضيات
فإذا جال فاللحاظ سيوف ... وإذا مال فالقوام قناة
هي أمضى من أنصل ورماح ... حملتها يوم الكفاح كماة
راع غزلان عالج والمصلّى ... منه جيد ومقلة والتفات
فهو ما أنفك بالفؤاد ولكن ... هي سرب في عالج سانحات