للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سيف اللواحظ ليته لن يغمداوأرسل هذه القصيدة من جصّان جناب السيّد عبّاس ابن السيّد محمّد ابن السيّد العلاّمة السيّد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة أعلا الله مقامه مادحاً بها ومهنّياً لجناب الحاج محمّد حسن في عرسه المبارك وذلك في سنة ١٣٤٩:

أنهى إلى القلب خمار الشقف ... فياخمار الصرف منه انتصف

وخذ بما أسرف ويك من دمي ... فأنت مابيني وبين مسرف

معربد اللحظ بأيّ علقت ... ألحاظه غودر أيّ متلف

وأغيد يخطر في دور الطلا ... هزَّ الردينيّ بأسنى مطرف

مغنّجاً ماارفضَّ إلاّ بثَّ لي ... من جفنه النشوة قبل القرقف

وهو إذا ما ثقلت أردافه ... رجرجها السكر وسوق المعزف

لولا انكسار منك يا أجفانه ... الوسنى لما جردّت غير مرهف

وأنت يا قامته قد غمزت ... مرهف جفنيه الطلا فانقظصفي

قم واسقنيها امتزجت أكوابها ... من لثّتيك فهو أحى مرشف

واشبب لظاها فهي مهما استعرت ... لو رسبت في البحر ما إن تنطفي

وإن سعت للمزج منك قدم ... فلا أقيلت عثرات الرفرف

لا دعدعاً أوانا من أرواحها ... أدركها صرفا برشح الأنف

بكسرويات إذا ما أشرقت ... فهي شموس أشرفت في كتف

نسيت مالي فالشموس دونها ... إذ هي عمر الدهر لمّا تكسف

قرَّطها الساقي غداة ارتعشت ... كفّاه من أبهى لئالي الصدف

فهي بنادي اللهو مهما بزغت ... أخالها الشمس بدت في شنف

فياغيون اللهو بالراح انطفي ... ويا خياشيم الأباريق ارعفي

وأنت يا زوراء قد راق الهنا ... في ضفّتيك بهجة تزخرفي

قد أذن المجد إلى شمس الضحى ... إن تلك أبراج العلى فازدحفي

فقد رأيت للشيف أن يرى ... أخا الشريف وأباً للشف

من عقد الله له مئازر ... الفخار من قبل انعقاد النطف

خلفك يا أحساب من فاضله ... قد قعدت بك الجدود فقفي

فوَّقها شهباً وقد تفلتت ... به إلى المجد التماس الهدف

هم شرعوا المجد زمان لم تكن ... أكرومة بين الورى أو تعرف

فأوضحوا النهج إلى أبنائهم ... فهي لهم بالمكرمات تقتفي

فأتبعوا التالد في طريفه ... فهم كرام خلفاً عن سلف

وأرخصوا ما هو غال فهم ... لديهم العسجد مثل الخزف

أي ويمين الخير كفّ المصطفى ... فهي بغير الخير لمّا تكف

لو شحَّ نوء القطر في روائه ... لاخلفته بالقطار الموطف

لا أحسب الصحف التي تسوّدت ... بمدحه إلاّ وضاء الصحف

جمُّ المزايا لا تطيق رقمها ... وإن تحرّينا انتساق الأحرف

يا مسعفي هنّ سميَّ المصطفى ... هنّ سميَّ المصطفى يا مسعفي

بمن به العلياء قرّت عينها ... لا برح الدهر بعيش الترف

فكتب إليه الحاج محمّد حسن بهذه الرسالة يتشوّقه ويشكره: سلام أحى من ريقة النحل، وأبهى من خصب بعد محل، وألطف من ساعة منح فيها الحبيب بالوصل، تزفّه نفحات الأشواق، محفوفاً بحبات القلوب والأحداق، إلى من عبرت معاليه على الشعرى العبور، وحلّ من جنان البراعة في جنان اعلا القصور، علوي الذات، المعي الصفات، من لمك أعنّة الفضائل فألقت إليه قيادها، وأذعنت له فصحاء البيان بالمقال الفصل فسادها، وحاز قصبات السبق في حلبات المعالي، وحلى عواطل الفضل من بحر كماله بالدرر واللئالي، وفاز من أقداح المفاخر بالمعلي والرقيب، فكان في درر فرائده وغرر قصائده ريحانة الأديب، وسلوة الغريب، ذاك سليلب الشرف الباذخ، وليث عرّيس البأس الراسخ، من عطر الأكوان بعرف معارفه وكرمه، وانتشت الأرواح بمكارم أخلاقه ومحاسن شيمه، عديم ندّه في المنثور والمنظوم، نسيج وحده في حلّ مشكلات العلوم، المتفرّع من دوحة جلال طيّبة الأغراس، والمتضوّع في روضة كمال عطريّة الأنفاس، علم الفضل المفرد، وعيلم العلم الأوحد، ذاك خلي السيّد عبّاس المؤيّد، أدام الله له من الخلود أسناه، وأضفى عليه من الإقبال أبهاه، رافعاً علم مجده بخفض عداه، صاقلاً روض سعده بقطر نداه، ما سجعت الحمائم بالأغاني، وهبّت النسائم في المغاني، بمحمّد أفص من نطق بالضاد، وأبلغ من أوتي جوامع الكلم فأروى ببلاغته كلّ قلب صاد.

<<  <   >  >>