رقّت كرقّة من حلو بساحتها ... طبعاً أرقّ من الساري إذا نفخا
فاقوا الخلائق في خلق وفي خلق ... وفيهم للورى نهج الهدى اتّضحا
وقال السيّد:
فلست أدري ءأملي فيهم غزلاً ... لما رأيتهم أو أنشي المدحا
وقال الشيخ محمّد حسن:
فيالهم معشراً أضحى وليدهم ... على شيوخ ذوي الآراء قد رجحا
كالألمعي سعيد الجد خير فتى ... به مرام النهى والفضل قد نجحا
مولى تسامى لأهل الفضل بدر سماً ... كما غدا للمزايا الغرّ قطب رحى
من مقلة المجد قد أمسى السواد لها ... ومن صباح المعالي أصبح الوضحا
ما هزَّ مزبره يوماً لغامضه ... إلاّ وضاق من أشكالها انفسحا
وما جرى بمضامير النهى لسناً ... إلاّ وضاقت لديه ألسن الفصحا
وما ترائى بيوم البذل بحر ندى ... إلاّ وأخجل صوب المزن فافتضحا
ولا تقلّد يوماً سيف عزمته ... إلاّ وأرجع ليل الحادثات ضحى
قتّال آساد يوم الحرب مرهفه ... كالبرق يختطف الأرواح مالمحا
محّضته الحب طبعاً جلّ عن زلل ... وأكمل الحبّ مالله قد صرحا
ما غاب لا غاب وهو الروح عن بصري ... إلاّ وأبصرت في قلبي له شبحا
يروح في فتية لم يشؤ شأوهم ... طرف العبور ولا طرف ولا طمحا
وقال السيّد:
محمّد الحسن الزاكي عميدهم ... أكرم بذي حسب كالشمس راد ضحى
نشا بحجر المعالي فانتشت طربا ... ومذ رقى متنها اهتزّت له مرحا
شكائم الدهر ملقاة بساحته ... بها يردّ جماح الدهر ما جمحا
فليهنّأ الكرخ من علياه في ملك ... غلامه الدهر يجري حسبما اقترحا
مخائل الجود لم تخلب ببارقه ... وليس يخبو زناد الفضل ما قدحا
يا دهر كن طوعه ما دمت فهو فتى ... كصخرة الواد لم تعبأ بمن نطحا
يا أيّها القمر المرخي أشعّته ... تهدي لساحته الغادين والروحا
إليك درّ قصيد رصّفته يدا ... فكر بغير رياض الودّ ما سرحا
فلك من الشعر في البحر البسيط سرى ... سرى النسيم وفي آدابه سبحا
ما كنت أهلا لفوزي في مديحكم ... لكنّني لم أجد عن ذاك منتدحا
ولو نظمت دراري الأُفق أجمعها ... مدائحا لك لاستقللتها مدحا
فهاكها جملاً أعيت مفصّلها ... فمتن فضلك لا يحصيه من شرحا
ولم أزدك علىً لكن لتبلغني ... منك الوداد وحسبي ذلكم منحا
وأنت كالبدر أغناه تبلجه ... للناظرين له عن مدح من مدحا
وممّا اشتركا في نظمه أيضاً هذه القصيدة وقد مدح كلّ منهما صاحبه بها. قال السيّد:
صبح محيّاك بليل العذار ... أسفر أم ليل بدا في نهار
وصدغك الملوي أم عقرب ... تلسع أحشائي فيعيي القرار
فالصدغ من آس ومن نرجس ... عيناك والخدّان من جلّنار
أياأخا الغصن إذا ماانثنى ... وياأخا البدر إذا ما أنار
إنّي أهواك على ما أرى ... من قلّة الودّ وبعد المزار
كم جرت بالحكم على عاشق ... أكلّ من قد ولّى الحكم جار
أنت الذي أجّج في أضلعي ... ناراً تذكّيها الدموع الغزار
إن يك بالأضلاع حرّ الجوى ... فما دموع العين إلاّ حرار
يقدح زند الشوق في مهجتي ... ناراً ومن عيني يطير الشرار
كم ليلة بالقصر قضّيتها ... يشدو المغنّي والحميّا تدار
يطوف في كاساتها أغيد ... دبّت بخدّيه ثمال العذار
لم يرق العين سوى حسنه ... مالم يكن من حسنه مستعار
فاعتقل الصعدة من قدّه ... واستلّ من جفنيه بيض الشفار
ما زال يرمي الليل من كأسه ... بشعلة حمراء حتّى أنار
لولم تكن ذهبيّة ماالتوى ... من رشحها في معصميه السوار
أقبل فيها باسماً ثغره ... وهي كخمر نضّ عنه الخمار
فذي ثناياه وذا ريقه ... من حبب الطافي وشمس العقار
والجوّ قد طبّق في عارض ... يهزم بالقطر محول الدرار
كأنّما الرعد فنيقٌ به ... يحدوا غواديه حداء العشار
في روضة غنّاء مصقولة ... لا غبَّ سقياها ملثّ القطار
حاك الربيع الغضُّ أبرادها ... بنفسجا طرّزه بالعرار