يفضله إذا اجتهدا عليه ... تمام السن منه والذكاء
كأن سحيله في كل فجر ... على أحساء يمئود دعاء
فآض كأنه رجل سليب ... على علياء ليس له رداء
كأن بريقه برقان سحل ... جلا عن متنه حرض وماء
فليس بغافل عنها مضيع ... رعيته إذ غفل الرعاء
وقد أغدو على ثبة كرام ... نشاوى واجدين لما نشاء
لهم راح وراووق ومسك ... تعل به جلودهم وماء
يجرون البرود قد تمشت ... حميا الكأس فيهم والغناء
تمشى بين قتلى قد أصيبت ... نفوسهم ولم تغرق دماء
وما أدرى وسوف إخال أدرى ... أقوم آل حصن أم نساء
فإن قالوا: النساء مخبئات ... فحق لكل محصنة هداء
وإما أن يقول بنو مصاد ... إليكم إننا قوم براء
وإما أن يقولوا قد وفينا ... بذمتنا فعادتنا الوفاء
وإما أن يقولوا قد أبينا ... فشر مواطن الحسب الإباء
وإن الحق مقطعه ثلاث ... يمين أو نفار أو حلاء
فذلكم مقاطع كل حق ... ثلاث كلهن شفاء
فلا مستكرهون لما منعتم ... ولا تعطون إلا أن تشاءوا
جوار شاهد عدل عليكم ... وسيان الكفالة والتلاء
بأي الجيرتين أجرتموه ... فلم يصلح لكم إلا الأداء
وجار شار معتمداً إليكم ... أجاءته المخافة والرجاء
فجاور مكرماً حتى إذا ما ... دعاه الصف وانقطع الشتاء
ضمنتم ماله وغدا جميعاً ... عليكم نقصه وله النماء
ولولا أن ينال أبا طريف ... إسار من مليك أو لحاء
لقد زارت بيوت عليم ... من الكلمات آنية ملاء
فتجمع أيمن منا ومنكم ... بقسمة تمور بها الدماء
سيأتي آل حصن حيث كانوا ... من المثلات باقية ثناء
فلم أر معشراً أسروا هدياً ... ولم أر جاء بيت يستباء
وجار البيت والرجل المنادي ... أمام الحي عقدهما سواء
أبى الشهداء عندك من معد ... فليس لما تدب له خفاء
تلجلج مضغة فيها أنيض ... أصلت فهي تحت الكشح داء
غصصت بنيئها فبشمت منها ... وعندك لو أردت لها دواء
وإني لو لقيتك فاجتمعنا ... لكان لكل مندية لقاء
فأبرئ موضحات الرأس منه ... وقد يشفى من الجرب الهناء
فمهلاً آل عبد الله عدوا ... مخازي لا يدب لها الضراء
أرونا سنة لا عيب فيها ... يسوى بيننا فيها السواء
فإن تدعوا السواء فليس بيني ... وبينكم بني حصن بقاء
ويبقى بيننا قدع وتلفوا ... إذن قوماً بأنفسهم أساءوا
وتوقد ناركم شرراً ويرفع ... لكم في كل مجمعة لواء
- ١٢ - وقال زهير أيضاً يمدح هرما:
لمن طلل برامة لا يريم ... عفا وخلا له حقب قديم
تحمل أهله منه فبانوا ... وفي عرصاته منهم رسوم
يلحن كأنه يدا فتاة ... ترجع في معاصمها الوشوم
عفا عن آل ليلى بطن ساق ... فأكثبة العجالز فالقصيم
تطالعنا خيالات لسلمى ... كما يتطلع الدين الغريم
لعمر أبيك ما هرم بن سلمى ... بملحي إذا اللؤماء ليموا
ولا ساهى الفؤاد ولاعبي ال ... لمسان إذا تشاجرت الخصوم
وهو غبث لنا في كل عام ... يلوذ به المخول والعديم
وعود قومه هرم عليه ... ومن عاداته الخلق الكريم
كما قد كان عودهم أبوه ... إذا أزمتهم يوماً أزوم
كبيرة مغرم أن يحملوها ... تهم الناس أو أمر عظيم
لينجو من سلامتها وكانوا ... إذا شهدوا العظائم لم يليموا
كذلك خيمهم ولكل قوم ... إذا مستهم الضراء خيم
وإن سدت به لهوات ثغر ... يشار إليه جانبه سقيم
مخوف بأسه يكلاك منه ... عتيق لا ألف ولا سئوم
له في الذاهبين أروم صدق ... وكان لكل ذي حسب أروم
- ١٣ - وقال أيضاً:
ألا أبلغ لديك بني تميم ... وقد تأتيك بالخبر الظنون
بأن بيوتنا بمحل حجر ... بكل قرارة منها نكون
إلى قلهى تكون الدار منا ... إلى أكتاف دومة فالجحون
بأودية أسافلهن روض ... وأعلاها إذا خفنا حصون
نحل بسهلها فإذا فزعنا ... جرى منهن بالأصلاء عون