وَذهب بعض أهل الْعلم إِلَى أَنه لَا يحْتَج بالمعنعن مُطلقًا لاحْتِمَال الِانْقِطَاع وَهَذَا الْمَذْهَب مَرْدُود بِإِجْمَاع السّلف ودليلهم مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ من حُصُول غَلَبَة الظَّن مَعَ الاستقراء وَالله اعْلَم
هَذَا حكم المعنعن أما إِذا قَالَ حَدثنِي فلَان أَن فلَانا قَالَ كَقَوْلِه حَدثنِي الزُّهْرِيّ أَن سعيد بن الْمسيب قَالَ كَذَا أَو حدث بِكَذَا أَو نَحوه فالجمهور على أَن كعن فَيحمل على الِاتِّصَال بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل وَيَعْقُوب بن شيبَة وَأَبُو بكر البرديجي لَا تحمل أَن على الِاتِّصَال وَإِن كَانَت عَن للاتصال وَالصَّحِيح الول وَكَذَا قَالَ وَحدث وَذكر وَشبههَا فكله مَحْمُول على الِاتِّصَال وَالسَّمَاع اهـ
وَمِنْهَا مَا ذكره السَّمْعَانِيّ فِي القواطع وَهُوَ أَن الصَّحِيح لَا يعرف بِرِوَايَة الثِّقَات فَقَط وَغنما يعرف بالفهم والمعرفة وَكثر السماع والمذاكرة قَالَ بَعضهم إِن هَذَا دَاخل فِي اشْتِرَاط كَونه غير مَعْلُول لِأَن الِاطِّلَاع على ذَلِك إِنَّمَا يحصل بِمَا ذكر من الْفَهم والمعرفة وغرهما
وَاعْلَم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة هِيَ من أهم مسَائِل هَذَا الْفَنّ الْجَلِيل الشَّأْن والناظرون فِي هَذَا الْموضع قد انقسموا إِلَى ثَلَاث فرق
الْفرْقَة الأولى فرقة جعلت جلّ همها النّظر فِي الْإِسْنَاد فَإِذا وجدته مُتَّصِلا لَيْسَ فِي اتِّصَاله شُبْهَة وَوجدت رِجَاله مِمَّن يوثق بهم حكمت بِصِحَّة الحَدِيث قبل إمعان النّظر فِيهِ حَتَّى إِن بَعضهم يحكم بِصِحَّتِهِ وَلَو خَالف حَدِيثا آخر رُوَاته أرجح وَيَقُول كل ذَلِك صَحِيح وَرُبمَا قَالَ هَذَا صَحِيح وَهَذَا أصح وَكَثِيرًا مَا يكون الْجمع بَينهمَا غير مُمكن
وَإِذا توقف توقف فِي ذَلِك نِسْبَة إِلَى خالفة السّنَن وَرُبمَا سعى فِي إِيقَاعه فِي محنة من المحن مَعَ أَن جهابذة هَذَا الْفَنّ قد حكمُوا بَان صِحَة الْإِسْنَاد لَا تَقْتَضِي صِحَة الْمَتْن وَلذَلِك لَا يسوغ لمن رأى حَدِيثا لَهُ إِسْنَاد صَحِيح أَن يحكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute