للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَانْظُر إِلَى أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ الَّذِي كَانَ من خَواص النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كَيفَ غلب على ظَنّه عدم صِحَة هَذَا الحَدِيث وَأقسم على ذَلِك بِنَاء على انه لم يسمع مِنْهُ قطّ عَلَيْهِ السَّلَام مَا يشاكل هَذَا الْكَلَام مِمَّا يُوهم خلاف المرام وَمثل هَذَا كثير فِيمَا يروي وَمَا كَانَ مِنْهُ بأسانيد صَحِيحَة مِمَّا لَا يثبت فِي نفس الْأَمر فأكثره مِمَّا رُوِيَ بِالْمَعْنَى غير أَن الرَّاوِي لم يساعده اللَّفْظ عَن أَدَائِهِ بِتَمَامِهِ

قَالَ الشُّرَّاح قيل إِن الْبَاعِث لَهُ على الْإِنْكَار هُوَ أَن ظَاهر هَذَا الحَدِيث يُوهم أَنه لَا يدْخل أحد من عصاة الْمُوَحِّدين النَّار وَهُوَ مُخَالف لآيَات كَثِيرَة وَأَحَادِيث مَشْهُورَة وَأجِيب بِحمْل التَّحْرِيم على عدم الخلود

وَقد استدلت المرجئة بِهَذَا الحَدِيث وَنَحْوه على مَذْهَبهم والمرجئة فرقة من كبار الْفرق الإسلامية تَقول لَا يضر مَعَ الْإِيمَان مَعْصِيّة كَمَا لَا ينفع مَعَ الْكفْر طَاعَة

والإرجاء من الْبدع الَّتِي يعظم ضررها أَنَّهَا تنزل بالأمة إِلَى الحضيض الْأَسْفَل وَتجْعَل عَاقبَتهَا الدمار وَقد نسب ذَلِك إِلَى كثير من أَعْيَان الْأمة إِلَّا أَن النِّسْبَة غير صَحِيحَة فِي كثير مِنْهُم وَالَّذين صحت نِسْبَة لَك إِلَيْهِم يَقُولُونَ إِن كثيرا مِمَّن ينبزوننا بِهَذَا اللقب لَا فرق بَيْننَا وَبينهمْ فِي الْمَآل وَإِن فرق بَيْننَا وَبينهمْ ظَاهر الْمقَال

وَأما الْمُعْتَزلَة فَإِنَّهُم يُنكرُونَ هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه أَشد إِنْكَار وينسبون وَضعه للمرجئة وَمن نحا نحوهم لمُخَالفَته لمذهبهم فَإِنَّهُم هم والخوارج يَقُولُونَ إِن صَاحب الْكَبِيرَة إِذا مَاتَ من غير تَوْبَة نصوح عَنْهَا مخلد فِي النَّار وَلَا يخرج مِنْهَا أبدا وَلَا يحاولون تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث وَنَحْوه على وَجه لَا يزعزع مَذْهَبهم لأَنهم يَقُولُونَ إِن فِي ظَاهِرَة إغراء على الْمعاصِي وَذَلِكَ منَاف للحكمة لَا سِيمَا من صَاحب الشَّرْع الَّذِي بعث لزجر النَّاس عَنْهَا وتنفيرهم مِنْهَا

وَكَانَت المرجئة كثيرا مَا ترمي من يُبَالغ فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر

<<  <  ج: ص:  >  >>