للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْقدرِ يُرِيدُونَ بذلك أذاهم وَلَا يخفى شدَّة نفره النَّاس لَا سِيمَا الْأُمَرَاء والعامة من الْقَدَرِيَّة وهم الْمُعْتَزلَة

وَقد شاع وذاع أَن مَذْهَب الْمُعْتَزلَة نَشأ عَن التوغل فِي علم الفلسفة وَهُوَ قَول أشاعه إِمَّا جَاهِل أَو متجاهل فَإِن مَذْهَب الاعتزال نَشأ وَاسْتقر فِي آخر عصر الصَّحَابَة وَلم يكن قد ترْجم شَيْء من كتب الفلسفة الَّتِي يَزْعمُونَ أَنَّهَا أغوتهم فانحرفوا بهَا عَن مَذْهَب أهل السّنة وَلذَلِك قَالَ بعض الْعلمَاء قد رويت أَحَادِيث فِي ذمّ الْقَدَرِيَّة روى بَعْضهَا أهل السّنَن وَبَعض النَّاس يثبتها ويقويها وَمن الْعلمَاء من يطعن فِيهَا ويضعفها وَلَكِن الَّذِي ثَبت فِي ذمّ الْقَدَرِيَّة ونوهم هُوَ عَن الصَّحَابَة كَابْن عمر وَابْن عَبَّاس

وَقد وَقع فِي مَذْهَبهم مسَائِل تبعد عَن الْعقل جدا وَذَلِكَ مثل قَوْلهم من أَتَى بكبيرة وَاحِدَة فقد حبطت جَمِيع طاعاته وَمن عمر عمرا مديدا وأتى بِكُل مَا أمكنه من الطَّاعَات واجتنب جَمِيع الْمُنْكَرَات وَكَانَ من الموفقين للبر وَالْإِحْسَان ثمَّ عرض لَهُ أَن تنَاول جرعة خمر فغص بهَا فقضي عَلَيْهِ فَهُوَ مخلد فِي النَّار لَا يخرج مِنْهَا أبدا

نعم هم أَكثر الْفرق اعتناء بالقاعدة الْمَشْهُورَة وَهِي لَا يَأْتِي فِي النَّقْل الصَّحِيح مَا يُخَالف الْعقل الصَّرِيح فَإِن أَتَى فِي النَّقْل الصَّحِيح مَا يُوهم الْمُخَالفَة وَجب الْجمع بَينهمَا وَذَلِكَ بِحمْل النَّقْل على معنى لَا يُخَالف الْعقل وَتجْعَل دلَالَة الْعقل قرينَة على ذَلِك

وَهِي قَاعِدَة مُتَّفق عَلَيْهَا وَلم تنقل الْمُخَالفَة فِيهَا إِلَّا عَن أنَاس من الحشوية وهم فرقة لَا يعبأ بهَا وَلَعَلَّ مخالفتهم مَبْنِيَّة عل كَونهم لم يعرفوا مَا أُرِيد بِالْعقلِ الصَّرِيح وَقد ظن أنَاس أَن هَذِه الْمَسْأَلَة من مسَائِل علم الْكَلَام فَقَط وَلَيْسَ كَذَلِك بل هِيَ من مسَائِل أصُول الفقة أَيْضا فقد ذكرُوا ذَلِك فِي مَبْحَث التَّخْصِيص وَفِي مَبْحَث مَا يرد بِهِ الْخَبَر

<<  <  ج: ص:  >  >>