أَئِمَّتنَا يجوز أَن يكون أَبُو عَليّ مَا رأى صَحِيح البُخَارِيّ وَعِنْدِي فِي ذَلِك بعد وَالْأَقْرَب مَا ذكرته اهـ
وَأما بعض عُلَمَاء الْمغرب فقد نقل عَنْهُم مَا يدل على تَفْضِيل كتاب مُسلم على كتاب البُخَارِيّ إِلَّا انه لَيْسَ فِي عبارَة أحد مِنْهُم مَا يشْعر بِأَن ذَلِك من جِهَة الصِّحَّة فقد نقل عَن أحد تلاميذ ابْن حزم أَنه كَانَ يَقُول كَانَ بعض شيوخي يفضل صَحِيح مُسلم على صَحِيح البُخَارِيّ ويظن أَنه يَعْنِي بذلك ابْن حزم
قَالَ الْقَاسِم التجِيبِي فِي فهرسته كَانَ أَبُو مُحَمَّد بن حزم يفضل كتاب مُسلم على كتاب البُخَارِيّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ بعد خطبَته إِلَّا الحَدِيث السرد فقد أبان ابْن حزم أَن تَفْضِيل كتاب مُسلم من جِهَة أَنه لم يمزج فِيهِ الحَدِيث بِغَيْرِهِ من موقوفات الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغير ذَلِك
وَقَالَ مسملة بن قَاسم الْقُرْطُبِيّ وَهُوَ من أَقْرَان الدَّارَقُطْنِيّ فِي تَارِيخه عِنْد ذكر كتاب مُسلم لم يضع أحد مثله
وَهَذَا مَحْمُول على حسن الْوَضع وجودة التَّرْتِيب وسهولة التَّنَاوُل فَإِنَّهُ جعل لكل حَدِيث موضعا وَاحِدًا يَلِيق بِهِ جمع فِيهِ طرْقَة الَّتِي ارتضاها وَاخْتَارَ ذكرهَا وَأورد فِيهِ أَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ يذكر الطّرق فِي أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة ويورد كثيرا من الْأَحَادِيث فِي غير الْأَبْوَاب الَّتِي يتَبَادَر إِلَى الذِّهْن أَنَّهَا تذكر فِيهَا
وَقد وَقع بِسَبَب ذَلِك لناس من الْعلمَاء أَنهم نفوا رِوَايَة البُخَارِيّ لأحاديث هِيَ مَوْجُودَة فِيهِ حَيْثُ لم يجدوها فِي مظانها السَّابِقَة إِلَى الْفَهم وَقد اعْتمد كثير من المغاربة مِمَّن صنف فِي الْأَحْكَام بِحَذْف الْأَسَانِيد كَعبد الْحق على كتاب مُسلم فِي نقل الْمُتُون وسياقها لوجودها فِيهِ فِي مَوضِع وَاحِد وتقطيع البُخَارِيّ لَهَا
وَقد تعرض مرجحو كتاب البُخَارِيّ على كتاب مُسلم من جِهَة الصِّحَّة لبَيَان مُوجب ذَلِك فَقَالُوا إِن مدَار صِحَة الحَدِيث على ثَلَاثَة أَشْيَاء الثِّقَة بالرواة