للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ بَعضهم لما توَسط الْحسن بَين الصَّحِيح والضعيف عسر تَعْرِيفه وَصَارَ مَا ينقدح فِي نفس الْحَافِظ قد تقصر عِبَارَته عَنهُ

وَقَالَ بَعضهم إِنَّه لَا مطمع فِي تَمْيِيز الْحسن من غَيره تمييزا يشفي الغليل غير أَن من برع فِي هَذَا الْفَنّ يُمكنهُ أَن يقرب على الطَّالِب مطلبه

وَقد اعتنى ابْن الصّلاح بإيضاح حد الْحسن بِقدر الِاسْتِطَاعَة فَقَالَ بعد أَن أورد الْحُدُود الثَّلَاثَة الْمَذْكُورَة هُنَا قلت كل هَذَا مستبهم لَا يشفي الغليل وَلَيْسَ فِيمَا ذكره التِّرْمِذِيّ والخطابي مَا يفصل الْحسن من الصَّحِيح وَقد أمعنت النّظر فِي ذَلِك والبحث جَامعا بَين أَطْرَاف كَلَامهم ملاحظا مواقع استعمالهم فتنقح لي واتضح ان الحَدِيث الْحسن قِسْمَانِ

أَحدهمَا الَّذِي لَا يَخْلُو رجال إِسْنَاده من مَسْتُور لم تتَحَقَّق أَهْلِيَّته غير أَنه لَيْسَ مغفلا كثير الْخَطَأ فِيمَا يرويهِ وَلَا هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ فِي الحَدِيث أَي لم يظْهر مِنْهُ تعمد الْكَذِب فِي الحَدِيث وَلَا سَبَب آخر مفسق وَيكون متن الحَدِيث مَعَ ذَلِك قد عرف بِأَن رُوِيَ مثله أَو نَحوه من وَجه آخر أَو اكثر حَتَّى اعتضد بمتابعة من تَابع رَاوِيه على مثله أَو بِمَا لَهُ من شَاهد وَهُوَ وُرُود حَدِيث آخر بِنَحْوِهِ فَيخرج بذلك عَن أَن يكون شاذا أَو مُنْكرا وَكَلَام التِّرْمِذِيّ على هَذَا الْقسم يتنزل

الْقسم الثَّانِي أَن يكون رَاوِيه من الْمَشْهُورين بِالصّدقِ وَالْأَمَانَة غير انه لم يبلغ دَرَجَة رجال الصَّحِيح لكَونه يقصر عَنْهُم فِي الْحِفْظ والإتقان وَهُوَ مَعَ ذَلِك يرْتَفع عَن حَال من يعد مَا ينْفَرد بِهِ من حَدِيثه مُنْكرا وَيعْتَبر فِي كل هَذَا مَعَ سَلامَة الحَدِيث من ان يكون شاذا أَو مُنْكرا سَلَامَته من أَن يكون مُعَللا وعَلى هَذَا الْقسم يتنزل كَلَام الْخطابِيّ

فَهَذَا الَّذِي ذَكرْنَاهُ جَامع لما تفرق فِي كَلَام من بلغنَا كَلَامه فِي ذَلِك وَكَانَ التِّرْمِذِيّ ذكر أحد نَوْعي الْحسن وَذكر الْخطابِيّ النَّوْع الآخر مُقْتَصرا كل وَاحِد مِنْهُمَا على مَا رأى أَنه يشكل معرضًا عَمَّا رأى أَنه لَا يشكل أَو انه غفل عَن الْبَعْض

<<  <  ج: ص:  >  >>