وَاعْترض عَلَيْهِ بِأَنَّهُ جعل الْحسن عِنْد التِّرْمِذِيّ مَقْصُورا على رِوَايَة المستور وَلَيْسَ كَذَلِك بل يشْتَرك مَعَه الضَّعِيف بِسَبَب سوء الْحِفْظ والموصوف بالغلط وَالْخَطَأ والمختلط بعد اخْتِلَاطه والمدلس إِذا عنعن وَمَا فِي إِسْنَاده انْقِطَاع ضَعِيف فأحاديث هَؤُلَاءِ من قبيل الْحسن عِنْده إِذا وجدت الشُّرُوط الثَّلَاثَة وَهِي أَن لَا يكون فِي الْإِسْنَاد من يتهم بِالْكَذِبِ وَأَن لَا يكون الحَدِيث شاذا وَأَن يرْوى مثل ذَلِك أَو نَحوه من وَجه آخر فَصَاعِدا وَلَيْسَت كلهَا فِي دَرَجَة وَاحِدَة بل بَعْضهَا أقوى من بعض وَمِمَّا يُقَوي هَذَا أَنه لم يتَعَرَّض لاشْتِرَاط اتِّصَال الْإِسْنَاد وَلذَا وصف كثيرا من الْأَحَادِيث المنقطعة بالْحسنِ
وَأما قَوْله وَكَانَ التِّرْمِذِيّ ذكر أحد نَوْعي الْحسن وَذكر الْخطابِيّ الآخر مُقْتَصرا كل وَاحِد مِنْهُمَا على مَا رأى أَنه يشكل معرضًا عَمَّا رأى أَنه لَا يشكل أَو انه غفل عَن الْبَعْض وَذهل فَقَالَ بَعضهم فِيهِ
إِن الْخطابِيّ لَا يُطلق اسْم الْحسن إِلَّا على النَّوْع الَّذِي ذكره وَهُوَ النَّوْع الَّذِي يُسَمِّيه من يَجْعَل الْحسن قسمَيْنِ باسم الْحسن لذاته وَأما النَّوْع الَّذِي تَركه وَهُوَ الَّذِي يُسمى عِنْدهم بالْحسنِ لغيره فَهُوَ من قبيل الضَّعِيف عِنْده فَتَركه لذَلِك لَا لما ذكر وَيظْهر أَن التِّرْمِذِيّ أَيْضا إِذا أطلق اسْم الْحسن فَإِنَّمَا يُرِيد بِهِ النَّوْع الَّذِي ذكره وَهُوَ الَّذِي يُسمى عِنْدهم بالْحسنِ لغيره وَأما النَّوْع الَّذِي تَركه فَهُوَ عِنْده من قبيل الصَّحِيح فَتَركه أَيْضا لذَلِك لَا لما ذكر وَهَذَا لَا يُنَافِي إِطْلَاق اسْم الْحسن على هَذَا النَّوْع إِذا وجدت قرينَة تدل على ذَلِك
وَأما قَول بَعضهم إِن التِّرْمِذِيّ قد صحّح جملَة من الْأَحَادِيث لَا ترقى عَن رُتْبَة الْحسن مَعَ انه مِمَّن يفرق بَين الصَّحِيح وَالْحسن فَإِن فِيهِ إبهاما فَإِن أَرَادَ أَنه حكم بِصِحَّة أَحَادِيث هِيَ فِي رُتْبَة الْحسن لغيره فالاعتراض عَلَيْهِ وَارِد وَإِن أَرَادَ أَنه حكم