أَحدهمَا أقدم إِسْنَادًا وَالْآخر أقوم من الْحِفْظ فَرُبمَا كتبت ذَلِك وَلَا أرى فِي كتابي من هَذَا عشرَة أَحَادِيث
وَلم أكتب فِي الْبَاب إِلَّا حَدِيثا أَو حديثين وَإِن كَانَ فِي الْبَاب أَحَادِيث صِحَاح فَإِنَّهَا تكْثر وَإِنَّمَا أردْت قرب منفعَته فَإِذا أعدت الحَدِيث فِي الْبَاب من وَجْهَيْن أَو ثَلَاثَة فَإِنَّمَا هُوَ من زِيَادَة كَلَام فِيهِ وَرُبمَا تكون كلمة زَائِدَة على الْأَحَادِيث وَرُبمَا اختصرت الحَدِيث الطَّوِيل لِأَنِّي لَو كتبته بِطُولِهِ لم يعلم بعض من يسمعهُ المُرَاد مِنْهُ وَلَا يفهم مَوضِع الْفِقْه مِنْهُ فاختصرته لذَلِك
وَأما الْمَرَاسِيل فقد كَانَ يحْتَج بهَا الْعلمَاء فِيمَا مضى مثل سُفْيَان الثَّوْريّ وَمَالك وَالْأَوْزَاعِيّ حَتَّى جَاءَ الشَّافِعِي فَتكلم فِيهَا وَتَابعه على ذَلِك أَحْمد بن حَنْبَل وَغَيره فَإِذا لم يكن مُسْند غير الْمَرَاسِيل فالمرسل يحْتَج بِهِ وَلَيْسَ هُوَ مثل الْمُتَّصِل فِي الْقُوَّة
وَلَيْسَ فِي كتاب السّنَن الَّذِي صنفته عَن رجل مَتْرُوك الحَدِيث شَيْء وَإِذا كَانَ فِيهِ حَدِيث مُنكر بَينته أَنه مُنكر وَلَيْسَ على نَحوه فِي الْبَاب غَيره
وَمَا كَانَ فِي كتابي من حَدِيث فِيهِ وَهن شَدِيد فقد بَينته وَمِنْه مَا لَا يَصح سَنَده وَمَا لم أذكر فِيهِ شَيْئا فَهُوَ صَالح وَبَعضهَا أصح من بعض
وَهُوَ كتاب لَا ترد عَلَيْك سنة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَّا وَهِي فِيهِ وَلَا أعلم شَيْئا بعد الْقُرْآن ألزم للنَّاس أَن يتعلموه من هَذَا الْكتاب وَلَا يضر رجلا أَن لَا يكْتب من الْعلم شَيْئا بعد مَا يكْتب هَذَا الْكتاب وَإِذا نظر فِيهِ وتدبره وتفهمه حِينَئِذٍ يعلم مِقْدَاره وَأما هَذِه الْمسَائِل مسَائِل الثَّوْريّ وَمَالك وَالشَّافِعِيّ فَهَذِهِ الْأَحَادِيث أُصُولهَا
ويعجبني أَن يكْتب الرجل مَعَ هَذِه الْكتب من رَأْي أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَيكْتب أَيْضا مثل جَامع سُفْيَان الثَّوْريّ فَإِنَّهُ أحسن مَا وضع للنَّاس من الْجَوَامِع