للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يبْحَث حَتَّى يعلم ان ذَاك الَّذِي يُرِيد رِوَايَته عَنهُ مِمَّا سَمعه قبل تَارِيخ هَذِه الْإِجَازَة

وَأما إِذا قَالَ أجزت لَك مَا صَحَّ وَمَا يَصح عنْدك من مسوعاتي فَهَذَا لَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل وَقد فعله الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره وَجَائِز أَن يروي بذلك عَنهُ مَا صَحَّ عِنْده بعد الْإِجَازَة انه سَمعه قبل الْإِجَازَة وَيجوز ذَلِك وَإِن اقْتصر على قَوْله مَا صَحَّ عنْدك وَلم يقل وَمَا يَصح لِأَن المُرَاد أجزت لَك أَن تروي عني مَا صَحَّ عنْدك فَالْمُعْتَبر إِذا فِيهِ صِحَة ذَلِك عِنْده حَالَة الرِّوَايَة

النَّوْع التَّاسِع إجَازَة الجاز كَأَن يَقُول أجزت لَك مجازاتي أَو أجزت لَك رِوَايَة مَا أُجِيز لي رِوَايَته

وَقد منع من ذَلِك بَعضهم وصنف فِيهِ جُزْءا وَذَلِكَ لِأَن الْإِجَازَة ضَعِيفَة فيشتد ضعفها باجتماع إجازتين

وَالْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَل أَن ذَلِك جَائِز وَقد حكى الْخَطِيب تَجْوِيز ذَلِك عَن الدَّارَقُطْنِيّ وَأبي الْعَبَّاس بن عقدَة وَغَيرهمَا وَقد فعله الْحَاكِم فِي تَارِيخه وَقد كَانَ الْفَقِيه الزَّاهِد نصر بن إِبْرَاهِيم الْمَقْدِسِي يروي بِالْإِجَازَةِ عَن الْإِجَازَة وَرُبمَا تَابع بَين ثَلَاث مِنْهَا

وَيَنْبَغِي لمن يروي بِالْإِجَازَةِ عَن الْإِجَازَة أَن يتَأَمَّل كَيْفيَّة إجَازَة شيخ شَيْخه لشيخه ومقتضاها حَتَّى لَا يروي بهَا مَا لم ينْدَرج تحتهَا فَإِذا كَانَ مثلا صُورَة إجَازَة شيخ لشيخه أجزت لَهُ مَا صَحَّ عِنْده من سماعاتي فَرَأى شَيْئا من مسموعات شيخ شَيْخه فَلَيْسَ لَهُ أَن يروي ذَلِك عَن شَيْخه عَنهُ حَتَّى يستبين انه مِمَّا كَانَ قد صَحَّ عِنْد شَيْخه كَونه من مسموعات شَيْخه وَالَّذِي أجَازه على ذَلِك الْوَجْه وَلَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّد صِحَة ذَلِك عِنْده الْآن عملا بِلَفْظِهِ وتقييده وَمن لَا يتفطن لهَذَا وَأَمْثَاله يكثر عثاره

هَذِه أَنْوَاع الْإِجَازَة الْمُجَرَّدَة وَبَقِي نوع آخر وَهِي الْإِجَازَة المقرونة بالمناولة وَهِي أَعلَى أَنْوَاع الْإِجَازَة على الْإِطْلَاق وَلها صور أَعْلَاهَا أَن يدْفع الشَّيْخ إِلَى الطَّالِب أصل سَمَاعه أَو فَرعه مُقَابلا بِهِ وَيَقُول هَذَا سَمَاعي أَو روايتي عَن فلَان فاروه عني أَو أجزت لَك رِوَايَته عني ثمَّ يملكهُ إِيَّاه أَو يَقُول لَهُ خُذْهُ وانسخه وقابل بِهِ ثمَّ رده إِلَيّ أَو نَحْو ذَلِك

وَقد ذكر البُخَارِيّ الْحجَّة على صِحَة المناولة فِي كتاب الْعلم فِي بَاب مَا يذكر فِي المناولة وَكتاب أهل الْعلم بِالْعلمِ إِلَى الْبلدَانِ حَيْثُ قَالَ وَاحْتج بعض أهل الْحجاز فِي المناولة بِحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَيْثُ كتب لأمير السّريَّة كتابا وَقَالَ لَا تَقْرَأهُ حَتَّى تبلغ مَكَان كَذَا وَكَذَا فَلَا بلغ ذَلِك الْمَكَان قَرَأَهُ على النَّاس أخْبرهُم بِأَمْر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن عبد الله قَالَ حَدثنِي إِبْرَاهِيم بن سعد عَن صَالح عَن ابْن شهَاب عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود أَن عبد الله بن عَبَّاس أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعث بكتابه رجلا وَأمره أَن يَدْفَعهُ إِلَى عَظِيم الْبَحْرين فَدفعهُ عَظِيم الْبَحْرين إِلَى كسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ مزقه فحسبت أَن ابْن الْمسيب قَالَ فَدَعَا عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن يمزقوا كل ممزق

وَوجه الدّلَالَة فِي الأول أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناول أَمِير السّريَّة كتابا بِدُونِ أَن يقرأه عَلَيْهِ فَجَاز لَهُ الْإِخْبَار بِمَا فِي الْكتاب بِمُجَرَّد المناولة وَوجه الدّلَالَة فِي الثَّانِي أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ناول رَسُوله الْكتاب وَلم يقْرَأ عَلَيْهِ فَجَاز أَن يسند مَا فِيهِ إِلَيْهِ وَيَقُول هَذَا كتاب رَسُول الله وَتقوم الْحجَّة بِهِ على الْمَبْعُوث إِلَيْهِ كَمَا لَو شافههم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَيَنْبَنِي على ذَلِك أَن الشَّيْخ إِذا ناول الطَّالِب كتابا جَازَ لَهُ أَن يروي عَنهُ مَا فِيهِ

هَذَا والمناولة المقرونة بِالْإِجَازَةِ حَالَة مَحل السماع عِنْد جمَاعَة من أَئِمَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>