الحَدِيث وَقد غلا بَعضهم فَجَعلهَا أرفع من السماع لِأَن الثِّقَة بِكِتَاب الشَّيْخ مَعَ إِذْنه فَوق الثِّقَة بِالسَّمَاعِ مِنْهُ وَأثبت لما يدْخل من الْوَهم عل السَّامع والمسمع وَالصَّحِيح أَنَّهَا منحطة عَن السماع من الشَّيْخ وَالْقِرَاءَة عَلَيْهِ
وَأما المناولة الْمُجَرَّدَة عَن الْإِجَازَة كَأَن يناوله الْكتاب مُقْتَصرا على قَوْله هَذَا من حَدِيثي أَو سَمَاعي وَلَا يَقُول اروه عني وَلَا أجزت لَك رِوَايَته عني وَنَحْو ذَلِك فَهَذِهِ رِوَايَة مختلة لَا تجوز الرِّوَايَة بهَا وعابها غير وَاحِد من الْفُقَهَاء والأصوليين على الْمُحدثين الَّذين أجازوها وسوغوا الرِّوَايَة بهَا وَحكى الْخَطِيب عَن طَائِفَة من أهل الْعلم أَنهم صححوها وأجازوا الرِّوَايَة بهَا
وَالْمَشْهُور فِي فعل الْإِجَازَة أَن يعدي بِاللَّامِ فَيُقَال أجزت لفُلَان وَأَجَازَ بَعضهم أَن يُقَال أجزت فلَانا قَالَ ابْن الصّلاح روينَا عَن أبي الْحسن أَحْمد بن فَارس الأديب المُصَنّف رَحمَه الله أَنه قَالَ قَالَ معنى الْإِجَازَة فِي كَلَام الْعَرَب مَأْخُوذ من جَوَاز المَاء الَّذِي يسقاه المَال من الْمَاشِيَة والحرث يُقَال مِنْهُ استجزت فلَانا فأجازني إِذا أسقاك مَاء لأرضك اَوْ ماشيتك كَذَلِك طَالب الْعلم يسْأَل الْعَالم أَن يُجِيزهُ علمه فيجيزه إِيَّاه
قلت فللمجيز على هَذَا أَن يَقُول أجزت فلَانا مسموعاتي أَو مروياتي فيعديه بِغَيْر حرف جر من غير حَاجَة إِلَى ذكر لفظ الرِّوَايَة أَو نَحْو ذَلِك وَيحْتَاج إِلَى ذَلِك من يَجْعَل الْإِجَازَة بِمَعْنى التسويغ وَالْإِذْن وَالْإِبَاحَة وَذَلِكَ هُوَ الْمَعْرُوف فَيَقُول أجزت لفُلَان رِوَايَة مسموعاتي مثلا وَمن يَقُول مِنْهُم أجزت لَهُ مسموعاتي فعلى سَبِيل الْحَذف الَّذِي لَا يخفى نَظِيره اهـ
وَمَا رَوَاهُ ابْن الصّلاح عَن ابْن فَارس هُوَ مِمَّا ذكره فِي جُزْء لَهُ صَغِير سَمَّاهُ مَأْخَذ الْعلم وَقد أورد ذَلِك فِي بَاب الْإِجَازَة وَقد رَأَيْت أَن أورد نبذا مِنْهُ مِمَّا يتَعَلَّق بِمَا نَحن فِيهِ إتماما للفائدة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute