للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخطْبَة فَإنَّا نَظرنَا فِي أمرهَا فَوَجَدنَا الْمَعْهُود وَالْأَصْل إِبَاحَة الْكَلَام جملَة ثمَّ جَاءَ النَّهْي عَن الْكَلَام فِي الْخطْبَة وَجَاء الْأَمر برد السَّلَام وَاجِبا فَكَانَ النَّهْي عَن الْكَلَام زِيَادَة عل مَعْهُود الأَصْل وَشَرِيعَة وَارِدَة قد تَيَقنا لُزُومهَا وَكَانَ رد السَّلَام وإفشاؤه أقل مَعَاني من النَّهْي عَن الْكَلَام فَوَجَبَ اسْتِثْنَاؤُهُ فصرنا بِهَذَا إِلَى التَّرْتِيب الَّذِي ذكرنَا الْقسم الأول مِنْهُ آنِفا

قَالَ عَليّ ونقول قطعا إِنَّه لَا بُد ضَرُورَة فِي كل مَا كَانَ هَكَذَا من دَلِيل قَائِم بَين الْبُرْهَان على الصَّحِيح من الاستثنائين وَالْحق من الاستعمالين لِأَن الله قد تكفل بِحِفْظ دينه فَلَو لم يكن هَا هُنَا دَلِيل لائح وبرهان وَاضح لَكَانَ ضَمَان الله خائنا وَهَذَا كفر لمن أجَازه فصح أَنه لَا بُد من وجوده لمن يسره الله تَعَالَى لفهمه وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

الْوَجْه الرَّابِع أَن يكون أحد النصين حاظرا لما أُبِيح فِي النَّص الآخر بأسره قَالَ عَليّ فَالْوَاجِب فِي هَذَا النَّوْع أَن نَنْظُر إِلَى النَّص الْمُوَافق لما كُنَّا عَلَيْهِ لَو لم يرد وَاحِد مِنْهُمَا فنتركه ونأخذ بِالْآخرِ لَا يجوز غير هَذَا أصلا

وبرهان ذَلِك أَنا على يَقِين من أننا قد كُنَّا على مَا فِي ذَلِك الحَدِيث الْمُوَافق لمعهود الأَصْل ثمَّ لزمنا يَقِينا الْعَمَل بِالْأَمر الْوَارِد بِخِلَاف مَا كُنَّا عَلَيْهِ بِلَا شكّ فقد صَحَّ عندنَا يَقِينا إخراجنا عَمَّا كُنَّا عَلَيْهِ ثمَّ يَصح عندنَا نسخ ذَلِك الْأَمر الزَّائِد الْوَارِد بِخِلَاف مَعْهُود الأَصْل وَلَا يجوز أَن نَتْرُك يَقِينا بشك وَلَا أَن نخالف الْحَقِيقَة للظن وَقد نهى الله تَعَالَى عَن ذَلِك فَقَالَ {إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَإِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} وَقَالَ تَعَالَى {إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن وَإِن هم إِلَّا يخرصون}

وَلَا يحل أَن يُقَال فِيمَا صَحَّ وَورد الْأَمر بِهِ هَذَا مَنْسُوخ إِلَّا بِيَقِين وَلَا يحل أَن يتْرك أَمر قد تَيَقّن وُرُوده خوفًا أَن يكون مَنْسُوخا وَلَا أَن يَقُول قَائِل لَعَلَّه مَنْسُوخ كَيفَ وَنحن على يَقِين مَقْطُوع بِهِ من أَن الْمُخَالف لمعهود الأَصْل هُوَ النَّاسِخ بِلَا شكّ

وبرهان ذَلِك مَا ذَكرْنَاهُ آنِفا من ضَمَان الله تَعَالَى حفظ الشَّرِيعَة وَالذكر الْمنزل

<<  <  ج: ص:  >  >>